الدولة الضامنة وحزب الاصلاح السياسي

لا تبنى الدولة الضامنة للمواطنة بالعنف والسلاح والمليشيات , التي تفرض على الناس واقع دون قناعاتهم  , تبنى بالأفكار والرؤى , في مساحة من الحرية , ونسبة مقبولة من العدالة , في ظل نظام ديمقراطي .

 

نظام ديمقراطي بأدواته السياسية , هي الاحزاب ,لا تنمية سياسية دون احزاب , ولا ديمقراطية دون احزاب , تنظم الناس سياسيا حول افكار محدده وقضايا معينة  وادبيات ورؤى , وتمارس الديمقراطية في داخلها من خلال انتخاب أعضائها وهيئات الهرم الحزبي , احزب تنبذ العنف بكل اشكاله , وتقبل الاخر كما هو لا كما تريد له ان يكون , احزاب تقودها وثائق وادبيات , لا اشخاص وزعامات .

 

استطاع عفاش ان يخوض مرحلة التعدد السياسي والحزبي والديمقراطية , مستخدما ادواتها لخدمة مشروعة الاستبدادي , واستمرار حكمه الديكتاتوري , بل ذهب ليستخدمها في توريثه للحكم , مستخدما التناقضات والاختلافات , لتشكيل احزاب متناحرة كلا يريد ان يجتث الاخر وينهيه سياسيا وشعبيا , بسياسة فرق تسد , هو المستفيد وحزبه التشكيلة التي احتوت كل عشاق السلطة وناهبي الثروة والمتطلعين للنفوذ , فكان حزب ديني ( حزب الاصلاح ), ضد حزب لبرالي اشتراكي , في تغذية صراع اجتثاث واستئصال , والفائدة للقيوم , عفاش وحزبه .

 

لا ننكر اننا اتهمنا الاصلاح منذ تأسيسه  انه ليس حزبا بل مجموعة من المتطرفين والارهابيين ,خاصة بعد حرب 1994م , وفي كل حرب تطفو على السطح كل ما هو سيئ , فكل متطرف ضد الاشتراكي , انخرط في الاصلاح منتقما حاقدا وكارها , ومع مرور الوقت , بدأت الحياة السياسية تستقر , وبدأت الاحزاب تنظم نفسها وحياتها السياسية , وبدأ الاصلاح يكتسب خبرة ومهاره في التعامل مع السلطة والاخر , وبدأت توافقات حول اصلاح الدولة والساحة السياسية , وتشكيل تكتل وطني بمسمى اللقاء المشترك بهندسة الشهيد جار الله عمر طيب الله ثراه  وبعض الوطنيين من كل الاحزاب المنخرطة فيه بما فيهم الاصلاح , واحتكاكنا المباشر مع بعض أعضائه في نشاطنا المشترك وحملتنا الانتخابية ضد الحزب الحاكم حينها , بدأت تتغير الصورة , وجدنا فيه ناس مثقفين وسياسيين وحزبيين بمعنى الكلمة والفعل , عرفنا ان الاصلاح ليس صعتر ولا الزنداني , ولا فتاوى التكفير , عرفنا الاصلاح بانصاف مايو , وعبد الناصر باحبيب , وسالم مغلس , و وجدت فيه اكثر طلابي مثابرة واخلاق وذكاء ونشاط , كالدكتور عارف احمد علي و وهيب هائل , وكثيرين لا تحضرنا اسمائهم فالمعذرة .

 

واليوم يحتفل الاصلاح بمناسبة تأسيسه , تابعت من على الشاشة مراسيم هذا الاحتفال , زادني يقينا انه حزب يستحق الاحترام ويفهم ضروريات المرحلة  , لم يمجد اسما , ولا قائد , لم يشخصن الحزب نفسه بأحد , ولم يضع نفسه رهن احد , كل احتفالاته وخطابة هو الوطن والدولة الاتحادية ومخرجات الحوار والديمقراطية , ينشط من خلال شراكته مع الاخرين بالأجماع على الدولة ممثله بالشرعية , ويرفض ان يكون بديلا للدولة , او نقيض لها , او ينشط خارج الاجماع , لا يفتخر بمنطقة , ولا يحتمي بقبيلة , هذا هو حزب الاصلاح .

 

طبعا الغير مستوعبين الديمقراطية ولم يتشكل وعي لديهم بقبول الاخر , والتنافس النزيهة والحر في الساحة السياسية فكريا وثقافيا واخلاقيا, سيظل ينظر للإصلاح حزب ارهابي متطرف لابد من اجتثاثه , وبعض الجنوبين يعتبرونه عدوهم , لأنه يختلف معهم في الرؤية والمشروع , وهذه هي مشكلتهم لا مشكلة الاصلاح , وهي النتيجة نفسها في الحرب تطفو على السطح كل ما هو سيئ , وسنجد كل حاقد وكاره ومنتقم من الاصلاح ينخرط في الحملة ضدة , والايام دولة نتداولها بين الناس , والجهل هو استمرار للفتن والصراعات السلبية ,يظل الاصلاح حزب سياسي جنوبي وشمالي , ورقم موجود على الارض يتطلب التعامل معه وصنع جسور مشتركة للتفاهم , ولغة مشتركة للتخاطب , بعيدا عن الاتهام والتكفير والتجريم , اذا اردنا وطن يستوعب الجميع ودولة ضامنة للمواطنة والحرية والعدالة والديمقراطية اسلوب حياة .

 

 

مقالات الكاتب