بالثورة والنضال سقطت الإمامة والاستعمار

لا يعطى الاستقلال لأي بلد من البلدان هبة مجانية، و إنما تنتزعه الشعوب من مستعمريها انتزاعا، بثمن باهظ و تضحيات جسام.

فالحرية لا توهب، و لا تقدم كمنحة، و لكنها تنتزع انتزاعا بعد مقاومة مستعمر، و مواجهة مستبد، و هدم سجون و تحطيم أغلال، و إقصاء الطغاة و المستبدين. 

وبالتالي لم يأت يوم الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م. على طبق من ذهب، و إنما جاء طرد المستعمر من باب ثورة و كفاح مسلح أرغم الاستعمار البريطاني على الرحيل. 

 رحيل المستعمر من أي بلد عربي كان يمثل نصرا للأمة العربية ككل، و قد مثل استقلال ما كان يعرف بالشطر الجنوبي من الوطن انتصارا للعرب أجمعين، خاصة أنه جاء عقب هزيمة حزيران المشؤومة التي لحقت بالعرب من الكيان الصهيوني مدعوما من قوى الاستعمار.

الاستقلال امتلاك سيادة، و تحرير قرار، و حرية شعب، و تحقيق عدالة، و بغير هذه المعاني لا يكون استقلال .

في بعض الأحيان يتم مصادرة دور الشعوب في تحقيق الاستقلال لصالح حزب أو فئة، و يتم نسيان أو تناسي الحاضنة الشعبية التي كانت المظلة و القاعدة و الرافد الحقيقي لكل الأعمال التي أدت إلى تحقيق الاستقلال، ثم يتم تجيير كل تلك التضحيات لأشخاص أو فئة، أو حزب، و لا يعطى للشعب إلا كلمات مدح جوفاء في خطب المناسبات، أو حين حاجة النخبة الحاكمة لموقف من الشعب . 

هذا الأمر مثّل حالة عامة - على الأقل- في العالم العربي .

يظل احتكار  البطولة - بهذه الصورة - مرهونا لمدّعيه،  و مصادرة حق أجيال من الشعب  تحت مبرر ذلك الادعاء . 

في بلد عربي - مثلا-  قامت مطالبات شعبية بإجراء انتخابات حرة لمنصب رئيس الجمهورية، فتم وضع مادة مقيدة للإ ادة الشعبية في قانون الانتخابات تشترط أن يكون المرشح ممن شارك في حرب الاستقلال، مع أنه قد مضى قرابة أربعين عاما على استقلال ذلك البلد، مما يعني منع من كان صغيرا أيام حرب الاستقلال من الترشح ، بينما هناك أعمار لجيل بأكمله قد تعدى الخمسين، أي أن أجيالا محرومة من أن تمارس حقوقها، بقانون يصدره الممسكون بالسلطة ؛ لتظل السلطة بيد فئة أو حزب يقصي هؤلاء و يبعد أولئك، مما يؤدي إلى انقسام، و ربما صراع و دورات انتقام !

و ما شهده الوطن العربي و ما يشهده - اليوم - من ثورات و انتفاضات ؛ إلا نتيجة احتقان متراكم بسبب استبداد غاشم، و مظالم و فساد عم كل مجالات الحياة، و مهما حاولت هذه الأنظمة أو تلك و حلفاؤها من قوى الاستعمار و الاستكبار صدّ أو قمع هذه الثورات، فإنها لن تفلح في عرقلة نجاحها، كما لم تنجح - من قبل - في منعها من أن تنال استقلالها، بصرف النظر عن عودة الاستعمار بطريقة أو بأخرى للتأثير على البلد الذي كان يستعمره .

بالكفاح المسلح تحرر الشطر الجنوبي من الاستعمار ، و بثورة أسقط الشطر الشمالي حكم الإمامة ؛ و اليوم لا بد من تعزيز الاستقلال و الثورة اليمنية بإسقط المشروع الظلامي للكهنوت الحوثي، و إسدال الستار عليه و على المشاريع الصغيرة و الجهوية.

 و تبقى دروس استبسال الثورة و الكفاح المسلح ضد الإمامة و الاستعمار خير شاهد و دليل على الطريق الذي لابد أن يسلكه اليمنيون لتحقيق أهدافهم .

مقالات الكاتب