إيران الكسروية

تبنت الثورة الإيرانية إبان انطلاقتها ضد الشاه شعارات براقة، خاطبت بها العالم العربي خاصة و الإسلامي عامة . و بسلوك عاطفي تفاعل معها جزء كبير من الشارع العربي مؤيدا، و سبب ذلك التفاعل و التأييد ماكانت عليه العلاقة المتينة بين  إيران و الكيان الصهيوني أيام الشاه. 

أفضت الثورة الإيرانية إلى إسقاط الشاه و مغادرته إيران، و على طريقة تمسكن حتى تمكن، تغير الأداء الإعلامي للثورة و الذي كان موجها للرأي العام العربي، و أخذ يطوى سريعا؛ ليبين و يكشف عن حقيقته و ضيق أفقه، بل و حتى عن عنجهيته و شعوبيته، ناهيك عن تطلعه لاستعادة كسرى أنوشروان و إمبراطورية فارس، بعباءة مرشد الثورة و مسمى الجمهورية الإسلامية ! 

كان المتعاطفون مع الثورة الإيرانية في الشارع العربي، ينتظرون أن تصبح إيران قوة مضافة تعزز العالم العربي و الإسلامي. لكن الواقع أثبت غير ذلك، و بدلا من أن تحسن علاقاتها بالعالم العربي راحت تتحدث عن تصدير الثورة؛ الثورة التي تفكر بعقلية كسرى و لسان الخميني أو الخامنئي. 

مقولة رستم القائد الفارسي الذي انهزم و قتل في معركة القادسية، و التي قالها قبيل المعركة بعد لقائه بوفد من الفاتحين، كان هو من قام بطلبهم؛ فقال بعد خروج الوفد و ما رآه فيهم من عزة و نضج ، قال : أكل عمر كبدي ! فمعركة القادسية الشهيرة كانت في عهد عمر؛ و لذا فمن هنا جاء بغضهم لعمر و لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما، حيث أن بدء الفتح كان في عهد أبي بكر .

ترجم أحد المسؤولين الإيرانيين مقولة رستم : أكل عمر كبدي، بعقلية ردة الفعل الانتقامية المستدعاة من وراء القرون،  عندما قال هذا الأخير، عقب الغدر بصنعاء : على العرب أن يعودوا إلى ماكانوا عليه في مكة قبل ألف و خمسمائة عام !
 
كان يفترض أن إيران تحسن و تعزز علاقاتها بمحيطها العربي، و لكنها راحت تتعامل بإرثها التاريخي المتعالي و الضارب في القدم، و تلبسه لبوسا تدعي إسلاميتها، و هي محض خرافات، و في يقين نخبتها الحاكمة أنها خرافات، و لكنها خرافات توسلت بها لتحقيق مآربها و ظل العقل الكسروي يبنيها و ينميها منذ سقوط الإمبراطورية الفارسية، و كانت أولى خطواتها غدر الهرمزان باغتيال عمر رضي الله عنه في المسجد. 

عباءة الخامنئي و عمامته ليس تحتهما غير كسرى، و هي عقلية تعادي العرب، و لا تريد أن تراهم إلا على الصورة التي كانوا عليها قبل ألف و خمسمائة عام في مكة، بزعم أحدهم كما أسلفنا. 

لو أن إيران مدت يدها بصدق لجيرانها العرب و المسلمين؛ لكان وضعها أفضل مما هي عليه اليوم من حصار و معاناة، يحافظ الحكام فيها على بقائهم بالسلاسل و الأغلال، و السجون و المعتقلات، و على حساب شعب مغلوب على أمره. 

لكن عقلية أية الله كسرى تعاملت مع العرب بتصدير الشر، و إعمال المكر، و مشاريع الهدم و الضلال، بهدف إعادة العرب إلى ماكانوا عليه قبل ألف و خمسمائة عام، كما زعموا. 

مقالات الكاتب