زخات صاروخية نزلت بردا و سلاما !

والشارع الإيراني ما يزال ساخنا، و دفن قاسم سليماني بالكاد فرغت السلطة الإيرانية منه - بعد أن طافت به في خمس مدن إيرانية، يقام له فيها مراسم و صلوات، بهدف التوظيف و الاستثمار - فتقوم على الفور بإطلاق زخة من الصواريخ على قاعدتين أمريكيتين في العراق، مثلت تلك الصواريخ دشا باردا على الشارع الإيراني، و بردا و سلاما على البيت غير الأبيض، و يا دار ما دخلك شر !

   إنه الرد السريع الذي خدّر الشارع الإيراني و أرضى مطالبه و غروره، و انحنت له واشنطن قبولا و استحسانا.

  وبينما أعقب الرد الإيراني تناولات إعلامية إيرانية صارخة ؛ أعطت واشنطن الفرصة للإعلام الإيراني، و للتصريحات الإيرانية الرسمية الرفيعة أن تتفرد بالحديث حول الضربة الصاروخية الإيرانية؛ مع صمت الإدارة الأمريكية  و ذلك لقرابة خمس عشرة ساعة ؛ قبل أن يظهر رئيس الإدارة الأمريكية، بعد كل تلك الساعات ؛ ليعلن أن لا إصابات بشرية بين صفوف قواته، و أن أضرارا مادية بسيطة لحقت بقاعدة عين الأسد.

   بإصرار مدروس راح الإعلام الإيراني، و التصريحات الإيرانية للقيادات العليا تتحدث عن ضربة موجعة لحقت بالأمريكان، حيث تتابعت التصريحات من قيادات في الحرس الثوري، فالوزراء، إلى رئيس الدولة، إلى المرشد الأعلى الإيراني، و كلهم يمتدحون الضربة و يضخمون حجمها و أثرها، و أنهم على استعداد - فيما لو حاولت واشنطن الرد - على توجيه ضربة عسكرية ماحقة ضد الأمريكان، و هم بذلك  يعطون مادة إعلامية، و رسائل إشباع للشارع الإيراني، و لعملائهم في الخارج، ثم يثنّون برسائل للخارج كذلك، فالإعلام الإيراني يؤكد أن الصواريخ حققت أهدافها، و قيادي في الحرس الثوري يصرح بأن الرد حقّر الأمريكان، و يذهب للتدليل على ذلك إلى أنه منذ الحرب العالمية الثانية  لم توجَّه أي ضربة لقاعدة أمريكية من أي دولة إلا ما قامت به إيران اليوم.

  وسواء التناولات الإعلامية، أو التصريحات الرسمية الإيرانية، فكلها تضافرت لدغدغة مشاعر الإيرانيين، و أن قيادتهم قد أتت بما لم تستطعه الأوائل.

  أما وزير الخارجية الإيراني، فربما كان أكثر عقلانية و موضوعية، فقد  أشاد بالرد لمخاطبة الشارع المحلي، و حرص على مخاطبة الخارج، بأن هذا الرد قد أنهى كل شيئ، و أنه لم يعد هناك ما يستدعي التصعيد.

  لكن بعض التحليلات أزعجت القيادة الإيرانية حين راحت تلك التحليلات تتحدث عن أن الرد الإيراني بدا و كأنه في إطار اتفاق مسبق يحدد سقف الضربة و مكانها، و محدوديتها.

  ويبرز هنا سؤالان حول نفي القاعدة العسكرية لامتلاك صواريخ مضادة لأي ضربة صاروخية محتملة، و هو أمر مستبعد مع أهم قاعدة أمريكية في العراق؟ و هذا يعزز وجهة النظر التي تقول باتفاق مسبق بين الطرفين  لضربة محدودة.

  والتساؤل الأهم كيف يكون قصف أرامكو من قبل عصابة ميليشاوية - كما زعم الحوثيون - أدق و أقوى من الناحية التدميرية، من الصواريخ الإيرانية؟ و هذا يؤكد وجهة النظر السابقة .

   ويبقى سؤال أخير : هل ستنطلي هذه العملية العسكرية التي يصفها الكثير من المحللين بالمسرحية على الشعب الإيراني، و سيدرك حقيقة الخديعة التي مارستها عليه سلطته؟

مقالات الكاتب