لعبة الحرب في اليمن (4)

لن نقف على حدود سؤال معين بشان دور بريطانيا في احداث اليمن وغيرها من بلدان المشرق العربي الذي تتولى خيوط اللعبة الدولية فيها، مقابل تولي فرنسا ادارتها في جناحه المغربي ، وهو ماتبقى لهم من ارثهم الاستعماري العريق  له ، وعدم افلات قبضتهم الحديدية لانظمته السياسية العتيدة  والتحكم فيها وتسييرها وفقا وخدمتها لسياسة الغرب واطماعه في المنطقة،ولم تنازعهم امريكا امبراطورية العالم الجديد لتركتهم الاستعمارية في المنطقة وابقت الحق الحصري لهم في ادارة شؤونها وتصريف الامور فيها بما يتواكب مع مطالب المتغييرات التي تهب رياحها بقوة من الغرب ومن شماله العنيد القابض على مصير العالم والمتحكم بدفة توجهاته واتجاهاته الفكرية والاقتصادية. 

وعملت امريكا القوة العالمية الصاعدة و بقوتها العسكرية القاهرة، ومن منطلقات فلسفتها الحداثية وما بعد الحداثة على تمرير مشاريع اطماعها ورغباتها الجامحة في السيطرة على العالم وبالذات منطقة الشرق الاوسط، وبالتحديد البلدان العربية التي تمثل مصادر الثروات الاولى في العالم.، عملت على توظيف المخزون الاستخباري الهائل لبريطانيا وفرنسا والاستفادة منها في تطويع دول المشرق والمغرب العربي لرغباتها في التغيير وذوبان ماتبقى من نزاعاته القومية وشخصياته الاعتبارية وذوبانها في كيانها الامبريالي الرهيب.

ولم تستغن امريكا العظمى اليوم عن حليفاتها في المنطقة على الرغم من انتهاء وجودهما الاستعماري فيها،ولكنها وجدت ظالتها في توكليهما بالمهام والوظائف التي تنوبها في التدخل المباشر لاحداث المتغيرات المطلوبة واكتفت بادارتها ومراقبتها عن كثب و التنصل من تبعاتها في كل الاحوال.

بريطانيا وفرنسا ارتضيتا بالدور في تنفيذ السياسة الامريكية الحديثة  في المنطقة مع احتفاظهم بمفاتيح الدخول واللعبة فيها حتى لا تحرمان من حصتيهما من كعكة الشرق التي يسيل لها اللعاب.، ولم تعمل  امريكا على منازعتهم في هذا الاستحقاق التاريخي والحصري ولم تعمل على سحب البساط من تحت ارجلهم وتعطيف بقايا سجادهم الاحمر من الشرق كاملة لاعتبارات نهاية عهديهما الاستعماري ، بل فضلت تركهم في الواجهة من الاحداث  وتسخير قدراتهم الاستخبارية الخارقة في تمرير مشاريعها في المنطقة وباقل وابخس الاثمان.

وهذه حقائق مايجري اليوم في اليمن وفي غيرها من بلدان المنطقة العربية الاخرى والتي تؤسس لمرحلة جديدة من الاطماع الامريكية فيها او مايعرف بالعهد الامريكي الجديد ،وان بادوات الاستعمار القديم لها.

اذا امريكا لم تعد شرطي العالم بالمفهوم الشائع عنها، بل اصبحت الوريث الشرعي للاستعمار الانجلو سكسوني وحارسة شريعة الله في الارض بتعبير مفكرها المعاصر لافام.

مقالات الكاتب