لعبة الحرب في اليمن (10)

مشى الانقلاب الاول والثاني في اليمن على ارضية دولية واقليمية صلبة وحقق اهداف ممولية والداعمين له بالقضاء على الجمهورية اليمنية صنيعة المجد والتضحيات لشعب اليمني وثورته السبتمبرية والاكتوبرية الجاري  تصفيتهن  والتخلص منهما، بدم بارد لمليشيات مأجورة متربصة باليمن من سنين حتى اذا ماسنحت لها الفرصة انقضت عليها بلا رحمة وتصرفت على هدى من ضلالاتها الدينية والقروية واطماعها غير المشروعة في الحكم .

وجرت الرياح على اليمن بما تشتهي سفنهم الغارقة اليوم في بحور من دم ابنائها اللذين تكالبت عليهم مشاريع الدمار من كل جانب. 

وننظر لليمن بعيون وقلوب وعقول فارغة حتى من الذكريات وهي تدير ظهرها للتاريخ النضالي الطويل لاحرار اليمن و تمضي مسرعة الخطا نحو مرافئ الموت والمجهول، وتدخل من جديد سوق بيع الذمم والولاءات في ظل موت مبكر لضميرها الثوري والوطني المستهدف في الصميم من مشروعات الانقلابات وتجار الحروب. 

وهي اليمن التي فتحت عينيها على العصر بالثورة وعرفت سيادتها وكرامتها بها،وهي من تهيأتها لجهل عصري جديد،وسيد جديد وموت اكيد، وهي من اكتوت بنيران التخلف والجهل لقرون. دونما اخذ العبرة من دروسه العميقة الجراح في الحياة والعصية على النسيان. 

و الشعب هو الضحية الاولى لهذه الانقلابات، ومستسلم لنذر موته البطئ على ايادي المليشيات.، التي للاسف يشجعها صمته المطبق على التوغل والتوحش في قتله، وابتكار اساليب جديدة وغير مسبوقة في تعذيبه نكاية بتاريخ تمرده الثوري عليهم وعلى تركت ابائهم الاولين المصطفين والمخولين الهيا بحكمهم لليمن شمالا و مايسمونها الائمة الاوئل ببلاد الاطراف جنوبا.

وحقيقة سكوت الشعب قاتل ومريب ويفسره الانقلابيون الجدد لصالحهم مستدلين بمقولة العرب ان السكوت من علامات الرضى مما يعني ان الشعب راضا بموته ومباركا لدفن ثورته حية وهي واقفة على القدمين.،وهو لا يعلم اي (الشعب) ان سكوته يعطيهم صكا غير معلن بالموافقة على مايدعون من اباطيل عفى عليها الزمن وفاقدة لقيمتها وهي الدعوة لعودة الحق لاهله الاسياد،اسياد البلاد والعباد، وبئس مايدعون و هو منطق اعوج واعرج ترفضه الفطرة الانسانية  السليمة وتتقاطع مع معانيها السامية في الحياة الكونية المعاصرة التي تعظم الحقوق الاساسية للشعوب وتجرم مظاهر العنف والاستبداد والاستبعاد والتمييز العنصري. 

والشعب اليمني مدين لثورته و الفضل لها بعد الله  في جعله يؤكل من فوق رأسه،  وجعله يعيش فوق التراب.، وما علينا من سبيل في الظلم بالقول والادانة لصمت  غالبية الشعب على مايجري لثورتها واستفراد وحوش الليل بها، وان لم يستفزها باطل قتلها ظلما وعدونا والانقلاب على نظامها الجمهوري وفي وضح النهار فلن يستفز ضميرها الوطني اية قضية اخرى مهما كبرت او صغرت، والشعب هو الثورة ورجالها الاحرار  يمثلون ضميرها الحي بتعبير شاعر اليمن الكبير المقالح.لكن مظاهر التنازل عنها صاخبة في الاسواق وتفضحها خلو الجبهات من الرجال المؤمنين بها والمفضلين الموت من اجلها اسوة بالثلة القليلة المستميتة على خطوط النار لدفاع عنها واسترخاص التضحية في سبيل الانتصار لها وبصورة تستعيدها الاذهان و تتجلى فيها روح الوطنية في اعلى معانيها، مجددة لاسطورة الشعب اليمني وطلائعه الثورية الخالدة بادوارها في صناعة الثورة والحفاظ عليها.

تخلف الشعب اليمني عن واجبه الوطني في هذه المرحلة رهيبا ومعيبا وجريمة لا تغتفر في حق تاريخ نضالاتهم الوطنية المشهودة، ولا يوجد مبرر او تفسير منطقي لها، وكان  الثورة قد اجحفت في حقوقهم وهي من تمثل  حجر  الاساس في حياتهم الانسانية الكريمة ونهضتهم الحضارية المعاصرة،  وكأنما الثورة لا تعني المدرسة والطريق والجامعة والمشفى والنور والاتصالات، والثورة هي سياج الوطن الذي تصدع وتصدع القلب معه بفعل الخيانة الملعونة بكل لغات العالم.

والله لو ان الثورة رجل خير اقام المدرسة والجامعة والنظام والقانون لا دافعت عنه حتى الرمق الاخير من الحياة.، وكيف وهي الثورة الام والاب لاكثر من ثلاثين مليونا محسوبين من خيرة البشر ويجري دفعهم لذبح مثل البقر .ومن غير المستحب ممارسة الجلد بالكلمات ولكن لضرورة احكام والضرورة التي لابد منها هي حتمية المسارعة لانقاذ مايمكن انقاذه من علاقة الشعب بالثورة وايقاف عملية انسلاخها الغريبة، فموت الثورة يعني موت الشعب معها وان كلاهما سيلقى حسابه في القبر وحيدا.

والاصطفاف الوطني الغائب حتى اللحظة مطلوب وعلى وجه السرعة من اجل ابلاغ رسالة للمجتمع الدولي باننا شعبا لا يمكن ان يفرط في ثورة قيد انملة  وهو على استعداد للموت في محرابها ومواصلة التضحيات من اجلها.

و مازال قبس من الايمان في قلبي يشع بمقولة ان ثورات الشعوب تمرض ولكن لا تموت.

مقالات الكاتب