لعبة الحرب في اليمن (١٦)

تمور مدن اليمن واريافها بالحركة وهي تموج بالاحداث بتعبير الكاتب صالح مرسي، وكأنما مايجري في رحابها لا يهم انسانها من قريب او بعيد، مع تنامي فقدانه لشعور بجسامتها عليه وعلى وطنه وعلى حاضر و مستقبل الاجيال فيها،ويمضي على غير هدى في حياته غير مكترث بما تعصف به الانواء من نوازل عليه، و في صورة تقرر ماذهبت على تقريره في مواضيع سابقة باصابته بظاهرة ما يمكن تسميته بموت الضمير الوطني ودفنه في حفنة من دراهم او دقيق او قمحة من الارز، بات الانسان اليمني يلهث وراء المساعدات ناسيا وطنه القتيل وباتت شغله الشاغل للاسف هذه المساعدات ، متناسيا او هاربا من واجباته تجاه الوطن،الذي تخلق من ذرات ترابه ويحيا ويفناء عليها.وهذا نتاج لانظمتنا الوطنية التي غابت خلف الشمس وهي  لا تحمل من الوطنية الا اسمها، ونحن الناظرين والمستدرين عطفها بطول اعمارنا والراجين رضاها بالحصول على صكوك الغفران منها ونحلم ونصحوا على حمدها ومسبحين بآي الشكر لها انا الليل واطراف النهار وبقية الشعب في خانة الاتهام واخضاعهم لعين الرقيب ومقصلة  التعذيب ،مما تسبب في نفورهم وذهابهم الى حد الفجور في الخصومة مع النظام ومترقبين بفارغ الصبر ليوم رحيله.

وماجرى ويجري في اليمن يتطابق وبكل المقاييس مع بقية الانظمة العربية التي هي الاخرى لا تملك من عروبتها ووطنيتها الا الاسم والاسم فقط وهي مملوكة حصريا لامريكا ، هذه الانظمة التي عملت وتحولت طوال تربعها على عروش الحكم في بلدانها الى اطول كابوس في حياة الشعوب و الاوطان المقهورة بظلمهم وجبروتهم والتي من غبنها المستعصي على الوصف باتت تترحم على المستعمرين وتحن بشوق الى سنوات احتلالهم وتستعذب رويات الحكايات عنهم وعن انسانيتهم الملائيكية وتعض اصابع الندم على رحيلهم.

ذهبت الانظمة العربية القمعية العتيدة والى غير رجعة وسط سخط شعبي عارم عليها، وضاعت الاوطان في غفلة الحاكم وجوره على الانسان الذي بات غير عابئ بما يجري على اراضيه ويتمنى في قرارة نفسه من قائدة العالم الحر امريكا العظمى ان تتولى احتلال بلاده اليوم قبل بكره على ان تنصب عليه  عميل مستبد وجديد في اليمن وفي غيرها من البلدان العربية.

واليمن وصلت الى حالة تشبع من موت الانظمة لها ومن الازمات التي لامست كل ذرة من ترابها الطاهر وكل شعرة من بشر او حيوان فيها،ولا يمكن لها ان تعي درسا في الوطنية بعد اليوم وهي تستجدي الحياة من قاتلها وان بقفازات امريكية.، وهي امريكا العظمى من اوصلتنا الى حالة القنوط واليأس من انظمتنا وجعلتنا نتمنى من اعماق اعماقنا زوالها دون ادراك لزوالنا المعنوي وموتنا الروحي معها، ونحن في الاول والاخير ضحية لامريكا شعوبا وانظمة.وان الهمتنا الاخيرة  شعور انساني عظيم  وعلمتنا كيف نثور على هذه الانظمة وننتقم منها لامتهانها لكرامتنا لعقود ثورية طويلة. 

انها امريكا التي تمثل ضمير وشرطي العالم، ولا نملك من خيار للفرار منها الا اليها.

مقالات الكاتب