لعبة الحرب في اليمن (17)

تجاوبت اليمن والنظم الجمهوري في المنطقة العربية في العشرية الاخيرة من القرن الماضي مع متطلبات النظام الدولي الجديد،  بدخول لبوابة العصر الامريكي الحديث،و المبشر بحياة انسانية كريمة وكونية،ورفع مظاهر الظلم والقهر الازلي من على كاهل البشر  وبالذات في العالم العربي،الذي استجابت انظمته الاستبدادية بين ليلة وضحاها لاشتراطات هذه المتغيرات الجذرية في هياكلها السياسية،وانتقلت الى اطوار جديدة ومختلفة في حياة ادارتها للحكم في اليمن وغيرها من الجمهوريات العربية التي اكتسبت تجارب نوعية في قمع حريات الشعوب وكسرها بعنف ثوري قلما تجد له مثيلا في حياة الشعوب، واصابة ارادتها الحرة ورغباتها  الوطنية وتطلعاتها الثورية المشروعه في مقتل عقب  تفتح براعم مشروعاتها النضالية المستحقة للبقاء والحياة لانها استسقت من عرق ودماء ودموع طلائع الامة ورموزها من الاحرار والمفكرين وصناع عروبة الثورات لا ثورات العروبة التي دبرت بليل وقضت على احلام الشعوب العربية  التواقة للحرية والسلام والعدالة المفقودة، وتفقيس من رحمها الثوري جبابرة الحكام العرب الذين يدينون  بالولاء المطلق  لمن اوصلوهم الى سدة الحكم في ليلة وضحها والشروع في فتح جحيم الثورات العربية على ابطالها وشعوبها في كل قطر عربي، واليمن بالطبع في المقدمة منها والحائز على قصب السبق بقمع نظاميه المتعارضين شكلا ومضمونا ويجتمعان في صفة و منهجية دكتاتورية واحدة،تعمقت بسلسة الانقلابات الدموية التي شهدتها شطري اليمن، التي لم تعرف الاستقرار السياسي ولو  نسبيا الا في ظل عهدها الوحدوي الخالد، الذي ترافق ومن حسن الطالع مع موجة المتغيرات الدولية نحو معالم النظام الدولي الجديد،لامريكا المعاصرة التي اتخذت على عاتقها مسؤولية تقليم اظافر الانظمة الديكتاتورية الثورية في المنطقة وعملت على قولبتها على مفاهيم الحياة الديمقراطية الناشئة،السمة السائدة للعصر الديمقراطي في حياة الشعوب.التي نفضت عن كاهلها سنوات من الظلم والحرمان وكبت الحريات ، وانطلقت في تنظيم نفسها وترتيب اولويات فهمها لاشتراطات المرحلة الجديدة في حياة الانظمة والشعوب،ولكن استجابة الاخيرة كانت غير خافية على احد وسرعان ماذهبت الى تنظيم نفسها في مكونات حزبية وسياسية لها عمقها السري في الحياة السياسية في كل قطر،وان كانت تمارس طقوسها بعيدا عن عين الرقيب عليها و جبروت الدولة وافراطها في مصادرت الحريات السياسية . وخرجت  التشكيلات الحزبية من ظلمات الانظمة العربية الى رحاب ونور العصر الديمراطي للشعوب،وتنفست الاحزاب على مختلف انتماءاتها وولاءاتها و برئة ورؤية امريكية معاصرة، مدتها باكسجين المناخات الديمقراطية ومنعت عليها تسميم اجوائها بتصفيات حسابتها القديمة مع الانظمة العربية المفرطة في اذلال شعوبها وقواها الثورية والسياسية واجبرتها لعقود من الزمن للعيش في ظلماتها الآسنة،وهي امريكا نفسها من علمت الانظمة على جعل الشعوب من يعيشون  حياة اهل القبور طوال هذه المراحل وهي من بعثتهم للنشور في عصرها الديمقراطي. حتى اذا ما استوت ونضجت تجاربهم، اجتثتهم من اساسهم الثوري انظمة واحزاب وثورات. واعادتهم الى حلبة صرعاتهم الدموية من جديد،وهي من حرمت على العرب التمتع المستحق لهم بحقوقهم الاساسية في عهودهم الثورية والديمقراطية التي قضت عليها وعملت على ايداعها في سلة المهملات التاريخية.،لتستفرد باحكام قبضتها على العرب وهم صاغرين وغير قادرين على اغلاق افواهم حتى من جحافل الذباب التي تملؤها بالقذرات مع تمسكهم بالصبر حتى لا تغضب امريكا عليهم.

مقالات الكاتب