لعبة الحرب في اليمن (١٨)

تمثل لعبة الحرب في اليمن حصاد السنين لمراحلة صعبة من السياسة الامريكية فيها وفي المنطقة والتي اتسمت بنعومة جلد الافاعي السامة ومخالب الاسد  في كافة مراحلها.

وتزايد التدخل لامريكي في اليمن وفي غيرها من دول المنطقة  وبشكل ملحوظ في تسعينات القرن الماضي مع تنامى دورها المباشر والمتزامن  مع عمليات التحولات الديمقراطية التي شهدتها الانظمة السياسية في المنطقة وتطويعها على القبول بالمسار العصري لامريكا ونظامها الدولي الجديد،الذي تسابقت الشعوب بلانفتاح عليه وتزاحمت في مضماره الديمقرطي الراقي وسماته الانسانية الرائعة والجذابة.

ومن حسن طالع اليمن ترافق هذا التحول النوعي في تركيبة نظامها الفردي مع تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت امريكا الراعي الدولي  لها بكل الحسابات وصاحبة الفضل في تحقيقها وهي من ادركت خطورة عقلية بعض القوى الاشتراكية عليها وتحجرهم وعجزهم عن التعاطي مع متطلبات المرحلة، مما جعلها تفكر بعمق في خطورة جهلهم على توجهاتها الجديدة في اليمن الموحد لتعطي الضوء الاخضر بالحرب عليهم وضرورة ابعادهم عن طريق عهدها  الديمقراطي الجديد في اليمن. وكانت هذه صفقة الترغيب للنظامها  مع قطيع كبير من الانظمة الجمهورية  في العالم العربي لتسلق عربات قطار الديمقراطية الامريكية الموجهة.

ولعبة الحرب اليوم في اليمن ماهي الا الحصاد الاخير لمراحل من السياسة الامريكية العميقة فيها، انتهت معالم المرحلة الاولى منها في شراكتها الاستراتيجية مع بريطانيا مباشرة وتبادل الادوار في ترويض نظامها الجمهوري في الشطرين  وافراغهما  من منهجية وعقيدة الثورة بمذهبها الوطني والاممي وان على جمر الانقلابات المارثونية الساخنة وتدول ثمانية من الرؤوساء مقعد الحكم فيهما، فيما استفردت امريكا وبكل ثقلها باليمن بعد قيام وحدته المباركة وتدخلها المباشر في كل شؤونها الداخلية والخارجية. و احتكارها شبه المطلق للاستثمارات الاستراتيجية فيها. واخذت تدير خيوط اللعبة فيها وعلى كافة المستويات،مع اخذها بالعمل في اليمن وغيرها من جمهوريات المنطقة على قاعدة المساواة في الظلم عدالة.

فهي من ادخلت هذه الانظمة في حالة تقاطع واضح مع شعوبها وثوراتها العربية زهاء ثلاثين عامين،وهي وبذات اليد عملت على احياء هذه العلاقة من الرميم بينهم لثلاثين عام اخرى،وكل هذه المراحل بحقبها الزمنية المريرة  افضت الى المرحلة الثالثة التي نكتوي بنارها اليوم في اليمن، وفي غيرها من البلدان بالانقضاض على مرحلتي عهدها القمي والديمقراطي وعلى غيرها من البلدان الثورية في العالم العربي وبصورة توحي برغبتها اي ( امريكا) في اجتثاث وتجريف هذه الثورات بانظمتها و من جذورها العميقة في الارض والانسان،ويأتي تسويقها لنظريات الحرب و الانقلابات المحرقة لهذه الانظمة ولمراحلها مع جهلنا المطبق بافاق المرحلة الجديدة التي تدفعنا اليها بالحديد والنار وان هي قائمة على فلسفة العنف والثورة، لتحقيق رغبات اطماعها الخفية في  اليمن والمنطقة التي تضعها اليوم في عين العاصفة و براكين الحروب.

مقالات الكاتب