الصراع بين قوة القانون وقانون القوة !

الانسان هو القيمة الأولى التي ليس فوقها قيمة , وتبدأ نهضت الأمم باستثمار الانسان , بالتعليم والثقافة وصقل المهارات ودعم وتشجيع الطموح , بالنمو الطبيعي للإنسان المنضبط قيما وأخلاقيات , منضبط بنظام وقانون , يضبط إيقاع حياته وعلاقاته , بحيث لا ضرر ولا اضرار , الانسان الايجابي الدافع بالحياة نحو الاستقرار والنماء والنهضة والتطور واللحاق بالأمم التي سبقتنا , الإنسان القادر على المنافسة بالعلم  والابتكار والاختراع , والقادر على فرض واقع يخدم تطلعاته وطموحه , وترسيخ الدولة والنظام الملبي لذلك , وتجاوز المعيقات  .

نحن من نصنع الظروف لا تصنعنا , والفاشل هو من يتذرع بالظروف الموضوعية , وهو عاجز ذاتيا , مجرد ورقة محكومة بحركة رياح تلك الظروف التي بالضرورة  محكومة من طرف آخر , يحيك مؤامراته بجذب جزءا من الإنسان , ويلعب على المزاج والكيف , في تخدير للذات بكم شعار وتسويق الوهم السيطرة والتمكين , بأدوات انشائها بعناية لخدمة أجندته , يضع السم في العسل , والفخ في الطريق , في نهاية خذلان فيها القانون لا يحمي المغفلين .

نحن نسير منذ الاستقلال من الإمامة والاستعمار , الى ملاحم دموية ضحيتها الانسان والارض , الانسان الذي اعد نفسيا وفكريا للانتقام , مشحون عنف وكراهية في تربيته وتنميته , في وسط اجتماعي متناحر , فيه من التراكمات والجروح ما تبرر لاستمرار  نزيف الدم.

قوى العنف تدرك اهمية السلمية في تسريع عملية التغيير وبتكلفة اقل بكثير , وتعرف جيدا نهايتها المخزية في معركة السلمية , حيث تتوقف دائرة العنف , ويتأزر الناس بقوة القيم والأخلاقيات , حيث الاصطفاف المعادي للعنف وأدواته  , السلمية وسيلة ناجعة لحفظ  القيم والأخلاقيات  .

سقطت فكرة الوحدة اليمنية والتعددية السياسية والديمقراطية , في وحل العنف والانتهاكات , لأنها لم تجد الإنسان الواعي والمدرك للفكرة ذاتها , والقادر على حمايتها ورعايتها وتبنيها وترسيخها على الارض , بل تركت للعبث , وحصد المزيد من العصبية  والاصولية والغلو , فنمت في حضنها فيروسات التدمير الذاتي , فتأكلت الفكرة من الداخل , اشترك الكل في معركة تدمير الوحدة والتعددية والديمقراطية ,وها نحن نحصد نتائج هذا التدمير على الواقع , وعاد شعار (من تحزب خان ) يسمع وبتأييد قوى كانت تقدمية وتدعي الليبرالية , وعادت تتخندق ليرقاتها الأولى حيث العصبة والعقدة التربوية والثقافية .

رغم سيطرة قوى العنف , والكم الهائل من المال المنثور لتغيير ثقافة وأخلاقيات الناس , وتوظيف بعض المصلحين , أكاديميين و أدباء ومثقفين وكتاب , ومحللين على الاثير من خلف الحدود الجغرافيا المهدورة , وهم يبررون هذا السقوط والانتهاك المسيء للإنسان والفكر , مسيئ للقضية والعدالة والحرية والمساواة .

برز الامل في تكاثف الجماهير مع المغدور به عبدالله الاغبري  في صنعاء , تكاثف يحفظ للمجتمع ارثه الأخلاقي والقيمي , وبروز بادرة خير من منظومة أمن سلطوي كنا قد فقدنا الامل منها حيث سيطرة النفوذ الطائفي والمناطقي والتمايز والبغي لفئة على فئات , امل سرب  فيديو أثار حفيظة أمة كادت ان تفقد تماسكها , وهي اليوم ترغم قوى العنف على اتخاذ موقف أخلاقي .

أي عقل فطن لا يقبل أن يضع نفسه مثال سيئ نكاية بسيئ , ويبرر معاركه العبثية , وخطابه النتن , والانتهاك وسفك الدماء , وتوظيف محاربة الفساد للإفساد , والارهاب للإرهاب , مما زاد من حجم الفساد والارهاب معا , حيث قانون القوة , , و غياب تام لقوة القانون والنظام والقيم والأخلاقيات , و تغييب ممنهج للمؤسسات تنفيذ القانون , مؤسسات ضبط إيقاع الحياة بعدالة القانون , ومحاسبة المخلين والخارجين عن ذلك القانون .

غير مهم من يحكم ومن يدير الشأن العام , المهم كيف يدير هذا الشأن , ومستوى الانضباط القانوني والقيمي والاخلاقي لتلك الادارة وعدالتها , والقوى النافذة , هل قوة القانون أم قانون القوة .

مقالات الكاتب