تواطؤ المرجفين

في حكاية معروفة، أن رجلا ذهب إلى السوق فاشترى كبشا، و في طريق عودته إلى البيت، تواطأ بعض أفراد عليه ليشككوه بأن ما اشتراه إنما هو كلب و ليس كبشا؛ فوقفوا في أماكن متفرقة من طريقه، فلما مر بالأول سلم عليه، و قال له : و ما هذا الكلب - مشيرا إلى الكبش - الذي معك ؟  فرد الرجل قائلا : أي كلب يا هذا ؟ إنه كبش ! و تابع طريقه، فمر بالثاني، و إذا هو يقول للرجل : و ماذا تريد بهذا الكلب الذي تقوده؟ فالتفت وراءه ليتأكد ؛ ثم رد في الحال : إنه كبش ! ثم مر بالثالث، و الرابع، و كلهم يواجهونه بأنه يقود كلبا، فما كاد الرجل يبلغ منتصف الطريق، حتى اقتنع - من كثرة الطرق الاعلامي المتتالي - أنه يقود كلبا و ليس كبشا، فأخلى سبيله، و أطلق سراحه ليتقاسمه المتواطئون !!

تتضافر قنوات فضائية، و مواقع بيع أخبار، و مطابخ دعائية، و خلايا تربص و كيد، و (هياكل) سياسية ، يستهويهم الظهور في قنوات مفلسة مهنيا؛ فإذا هم يتواطؤون إعلاميا على النيل من الإصلاح، كما تواطأ أصحاب الكبش .

تتضافر تلك القنوات، و أكاذيب السلالة، و مواقع و مطابخ دعائية مغرضة، و اذا هم بأجمعهم يرددون، الإصلاح مسيطر على الدولة ! الإصلاح استحوذ على الحكومة !  الإصلاح احتكر القيادة لمؤسسات الدولة .. و هكذا راحوا بين أنين، و نشيج، و تباكي، و دموع، و لطم خدود، و شق جيوب، يولولون و يصرخون : الإصلاح استولى، الإصلاح أخذ ، الإصلاح ركب ، الإصلاح بسط ... !!

ومن كثرة ماتضخه المطابخ و الخلايا و المواقع،  و قنوات الزيف من أكاذيب عن سيطرة الإصلاح على مفاصل الدولة ؛ من كثرة ذلك الضخ المُبيّت، صدق بعض البسطاء الأكاذيب،  و الأعجب المضحك، أن شلة المطابخ و الخلايا... صدقت ما تكذب به ! و غدت - في ليلها و نهارها - مسكونة بأكاذيبها، و انعكست عندهم حالة : إكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ، فصارت : إكذب ثم اكذب، حتى تصدق نفسك !

لقد اقتنع هؤلاء و أولئك أن الإصلاح قد سيطر سيطرة تامة على الدولة و الحكومة، و أن رئيس الجمهورية و نائبه إصلاحيان، و أن رئيس الحكومة و نائبيه إصلاحيان، و أن كل أعضاء الحكومة من الوزراء هم من الإصلاح،  و حتى رئيس مجلس النواب إصلاحي.

ولأن الإصلاح لا يقود شيئا وراءه، فإنه لم يلتفت للوراء ، و يلقي ما بيده، و إن السبب لواضح ؛ و إن الأمر لَبيّن في عدم التفاته للوراء ؛ ذلك لأنه وضع نصب عينيه عدوا يشن عدوانه على اليمن و اليمنيين، هو الحوثي،  و لأن من يرابط في مواقع الشرف و البطولة، لا يلتفت إلى الوراء، فخطوط التماس لا يصح معها الالتفات إلى الوراء، أو النظر إلى الخلف، إلا ممن هو متعطل متبطل، فاقد للبوصلة، فارغ من أي عمل.

مضمار السباق ؛ انطلاق إلى الأمام، و الريادة و البطولة تمضيان نحو الأمام ؛ و ليبقَ من لا رؤية واضحة لهم، و من لا عمل لهم، واقفين على الطريق يشككون و يلوكون اللغط، و يبثون التخذيل، فكل امرئ يضع نفسه في المكان الذي تضعه إرادته و همته، أو مهانته و تبعيّته.

في المقابل هناك منصفون ، يقولون : نعم الإصلاح يقود، و لكنه يقود نضالا مشرفا في كل ميادين الفداء و العطاء،  و البذل والتضحية.

وأمام قصف النقد، و حملات الاستعداء على الإصلاح أن يقف أمام كل ما يقال، فينتفع بنقد المنصفين، و يتنبه لإرجاف المرجفين.

مقالات الكاتب