علموهم أحسن!

أهم مآثر الشيخ سنان أبو لحوم يرحمه الله، أنه دفع بأبنائه وأقربائه إلى التعليم والتمدن ، وكان نموذجاً في هذا يُحترم ويحتذى، وكان ينصح زملائه من شيوخ القبائل أن يفعلوا الشيء ذاته، ومن ذلك نصيحته للشيخ عبدالولي النهمي، من آنس،  الذي حدثني بها ولده الزميل النائب محمد النهمي، وأوردتها في مقال ( مشايخ عدن وقبائل السائلة....) الذي كتبته في 2008، بمناسبة شيوع حمى المشيخة حينها، ورغبة إبني الرشيد في ترك الدراسة، على أن يكون شيخاً ! .. وكذلك توجيه أحد رؤساء المؤسسات حينذاك، وهو خريج من أمريكا، بأن لا تقبل الرسائل الموجه إليه دون مخاطبته بلقب شيخ! وكان شيخاً مستجداً، وهو ينتمي إلى أسرة محترمة في الحقيقة ونافذة جداً، ولا ينقصه شيء ، لكنها سيادة الخواء والسطحية وغياب المشروع الوطني حينها، وغياب النموذج والقدوة المحترمة النافذة التي تعي ما تفعل وما تقول ، وتستهدف حقاً وصدقاً تحقيق المصالح العليا للوطن.

عندما سأل سنان أبو لحوم ؛  عبدالولي النهمي، لعلكم تعدون العيال للمشيخة ؟! فأجاب النهمي بالإيجاب أو ما يشبه ! فرد سنان ناصحاً  : علموهم أحسن .. القبيلة والمشيخة ما لها مستقبل ..! 

كثير من أعيان اليمن ، كانوا يدركون مثل هذا منذ عهد الإمام ، ومن أولئك ، في منطقتنا، الشيخ محمد عبداللاه الغشامي الملجمي ، وولده علي .. وأذكر  أن والدي كان حريصاً على التعليم مع انعدام فُرصَه في منطقتنا، وقبل وفاته أخذني، وأنا دون السادسة، إلى الحمة في اللفج، مسافة أكثر من خمسة كيلو من قرية ال عِمران ، حيث قدم إلى هناك معلم كتاتيب، من بيحان، ومررت، مشياً، بمناطق حسبتها حينها طويلة وموحشة بعض الشيء ! ولما عاجله الموت، تولت الوالده إكمال المهمة، ودرستُ كتاتيب ستة أشهر؛ وللقصة بقية ليس مجالها هنا بالطبع ! 

وأعجبت كثيراً بالشيخ صالح شطيف والد الزميل النائب علي صالح شطيف،  والسفير الدكتور خالد شطيف، لاهتمامه بالتعليم على صعوبته في الجوف؛ وهو نموذج في الإهتمام بالتعليم لآخرين، مثل مانع الصيح في آنس .. أما تعز العزيزة وشيوخها فوعيهم وحظهم أحسن .. وحدثتني الدكتورة شفيقة سعيد، عمة رئيس الوزراء  الدكتور معين عبدالملك سعيد؛ إنَّها بمناسبةٍ ما؛  قالت لحميد الأحمر : نحن والدنا شيخ أيضاً ، لكننا آثرنا التعليم  وتركنا ما عداه !  

ولا عيب في القَبْيَلة أو المشيَخة عندما كانت أو تكون مسئولية وانضباطاً واحتراماً وقيماًحميدة، وُتمارَس على أصولها، لكن كليهما المشيَخة وجوانب في القْبيَلة، ومعهما العسكرة، وخاصة الضيبطة ( من ضابط) تحولت عند كثيرين في الثلاثين سنة الأخيرة،  إلى "نخيط" و"هنجمة" وعنجهية واستعراض واستغلال وعبء على مقتضيات العدل والأمن والحقوق، خاصة في بعض مناطق اليمن، ولذلك لم يأت الحوثي ومشروعه المدمر من فراغ ..

رحم الله الشيخ سنان وكل أحرار اليمن الحالمين بوطن يعز أبناءه جميعاً، وكل الذين عملوا بوعي وإدراك لخدمة اليمن وانتشالها من براثن الجهل والظلم والتخلف، وعظيم العزاء لآل أبو لحوم الأعزاء.

مقالات الكاتب