الدمى العارية والإنسانية العارية!

انتشر مقطع فيديو ظهر فيه عبد الملك الحوثي يشرح أن ما يقوم به "أبو زبعة" (اسم احد المشرفين الذي ذكره في الفيديو)، من نهب وسلب ولصوصية ليس سوى عرض مسرحي فكاهي لا يجب أن ينزعج منه الذين سرقت شياتهم وغنمهم وجنابيهم، من تعرض لهذه الجرائم يبلغ عبده الحوثي ويخرج يقول لهم عيب يا عيال، فضحتونا عيب!

كان حديثه "الفكاهي" يفوح برائحة قذرة، تعكس رائحة اللصوصية التي تنتهجها العصابة التابعة له، أراد أن يضفي بخورا على جثة خنزير، واليمني يعلم أن رائحة الخنازير لا يمكن لكل عطور الدنيا أن تمنع نتنها، يقول المثل الذي يؤكد هذه الحتمية:"بخر لك خنزير!" في تهكم وسخرية من أي فعل يريد معالجة فضيحة مدوية.

لا يستحق الأمر -في نظر الحوثي- أن يرش العطور على جيف الخنازير، ولم يكن ينوي حمل مبخرة لتعديل مزاج الذين اشتكوا له، بل كانت الشكوى محل تندر وفكاهة لا أكثر، خرج كممثل مسرحي، يؤدي دراما استعراضية بلهجة صعدية خالصة، ممثل مسرحي لا أكثر، ممثل يضحك من قلبه على تصرف همجي لا إنساني، استعرض فيه سلوك أبو زبعه، الذي نهب الثور والغنمه والجنبيه التي كانت الأسر الفقيرة في أمس الحاجة لها، لكنهم تحت الإكراه إما الإكراه الغير مباشر والذي جاء نتيجة التعبئة الكاذبة بأن لصوص عبد الملك وعصابته، "مجاهدون" "يخوضون أعظم حرب" هكذا وصفها الحوثي، أو الإكراه المباشر والجبر والإرغام على دفع "المجهود الحربي" وهذه هي اللافتة التي يسرقون به اللقمة من أفواه الجائعين، والتوصيف هنا يعود لتقرير الخبراء التابع للأمم المتحدة، يسرقون اللقمة وينهبون الأموال والحقوق بحجة دعم الجبهات!، وهم يسرقونها ولا يحتاج المواطن إلى دليل، العمارات الضخمة والسيارات الفارهة والغنى المطغي الذي ظهر في أسرع عمليات نصب واحتيال على مشرفي الحوثي أدلة وشواهد، وهذه لم تكن سببا يدفع الحوثي للحديث وإشعال "بخور الخنازير"، هذه لا تهمه، لولا أن الأمر وصل إلى فضائح خطيرة، وصلت أن اللصوص من عينة أبو زبعه يسرقون الأغنام والجنابي،  و" روهم الناس يبيعوها في السوق أمام أعينهم" هكذا قال يشرح عن الحالة التي قال أنها شكوى وصلته، رواها بدقه كما لو كان هو من قام بالفعل نفسه!

عبد الملك الحوثي يقول بكل لغات ومؤشرات جسده وتعابير وجهه ونبرات صوته والتفاتات عيونه واشاراته بالقلم الفوسفوري، أنه يقود عصابة من اللصوص، تحدث عن المشرفين في "الجبهة" أنهم يحرصون على أن تصلهم "الحلى"، والهريسة، والزبيب، وكماليات كماليات الكماليات، بينما يموت المقاتلين من البرد، وأشار إلى معلومات تحدثت عن موت أفراد في صفوف مليشياته من شدة البرد، - في وثيقة رصدت موت جنود في همدان" لأنهم لم يجدوا ما يغطيهم من ملابس وبطانيات، في الوقت الذي تصل "التحلية للمشرفين وبه أرتاب هنياك ما معهم ما يأكلوا"!!

لم يكن علينا سوى استحضار تلك الأحداث التي جرت في ٢٠١٤م عند اقتحام السجن المركزي في أمانة العاصمة،  وهروب أخطر المحكومين في جرائم جسيمة منه، تساءلت حينها في تقرير أعددته "للصحوة" أين ذهب هؤلاء القتلة، واللصوص؟!

أجاب عبد الملك ليؤكد المؤكد أن هؤلاء هم أبو زبعه وأبو فلان وعلان، كان يتحدث وأنا أستعيد شريط الأحداث وقد اكتملت الصورة وجاء الجواب عن سبب اقتحام السجون في ٢٠١٤ ، يمكنكم أن تعودوا إلى محرك البحث وتستعرضوا أحداث اقتحام السجون في أغلب المحافظات!.

هذه وثيقة مهمة، "الخطاب" ومستند قانوني أدعو النيابة العامة ومحامي الادعاء إلى ارفاقه في ملف زعيم العصابة الإرهابية الإيرانية التي تمارس لصوصية قذرة وتقوم بنهب أموال اليمنيين وارزاقهم وتسرق القوت من أفواه الجوعى!

لم يكن الحوثي يتحدث عن الكارثة التي تسببوا فيها، ولم يعتذر عن الدمار والخراب والحروب التي شنوها على اليمنيين، ولم يتحدث بمسؤولية وشجاعة أنه حفر لليمن نفقا أوصلهم قاع الجحيم، وأنه كذب عليهم وورطهم بلصوص لا أسماء لهم ولا أخلاق ولا قيم ولا ضمائر، ولا حياء، ولا يخجلون في نهب الجنبية وبيعها أمام أعين صاحبها، وشراء "تخزينة" من أغلى القات والمسكين يعود الوجع والجوع، لم يكن في خطاب مكاشفة، ولا يستحق هذا التصرف سوى أن يرفع رجله ويده ويرمي بجثته إلى المدكى ويضحك من فضيحة  أبو زبعه، تمثيل مسرحي لا أكثر!

لا يكترث بكم ليقول أنه سيحاسبهم؟ ومع أنه لم يقل، ولو افترضنا أنه قال ولو أنه يعرف أنه كاذب وأنه لا يوجد لديه آلية محاسبة، لأن عصاباته مجرد ألقاب وأسماء وهمية وكنى، عصابات اختاروا أن يكونوا هكذا لأن مهمتهم محصورة في تدمير اليمن وتفكيك الدولة، لم يفعل سوى أنه ضحك وحسب.

 

ضحك لأنه ربما يدرك أن هناك من سينشغل بالصور السطحية للدمى التي ينزعونها من معارض الملابس، تلك الدمى العارية التي تشبه سطحية انشغال البعض  عن كل هذه الفضائح البشعة التي تمارسها لصوص الحوثي.

ضحك لأن المبعوث الأممي ومن وراءه بريطانيا يقفون ضد إدراج مليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية، ضحك ايضا لأن البعض يبتهج من القرار الأمريكي، سطحية عارية، تشبه الدمى العارية، كم عدد البيوت التي تم تفجيرها؟ وهل يوجد عصابة في الدنيا تقوم بتفجير البيوت؟ لا يوجد من يفعل ذلك سوى الاحتلال الصهيوني، واحتلال الهاشمية السياسية الارهابية،  هل ينتظر من تعرض بيته للتفجير وتشردت أسرته وتم القضاء على ثروة ومال ومستقبل وتعب هذه الأسر من أطفال ونساء وأبرياء ومظلومين، هل يحتاجون أن تصنف أمريكا لصوص الحوثي كجماعة إرهابية، وهو الذي تدمر كل حقه وماله وميراث أسرته أمام عينيه في ضغطة زر من "ابو زبعه"!

ضحك الحوثي لأن حتى قرار التصنيف واللوم سيجد من يدافع عنه.

ضحك لأن التقارير التي توثقها الأمم المتحدة والدول ومنظماتها والتي تقول أن عبد الملك الحوثي لص كبير يقود عصابة من اللصوص يسرقون اللقمة من أفواه الجائعين، ومع ذلك سيقف المبعوث الأممي معارضا ومعترضا لأن التصنيف سينعكس سلبا على الأوضاع الإنسانية في اليمن!!

تفكير عاري يشبه الدمى العارية، كيف سيكون ذلك، كيف وانت من قال أن هذا سارق اللقمة من فم الجائع، لص نذل، هناك لصوص يسرقون الاغنياء، وهناك لصوص يسرقون الجوعى، وهناك لصوص يسرقون اللقمة من أفواه الجائعين، كلهم يقودهم الحوثي، وهو يعترف بذلك وأراد أن يحرق بخورا على الخنازير، وأنت تقول أن تصنيفهم سينعكس على الجوعى؟!  تبرير مفضوح ووقح ولا إنساني، وتفكير عاري سطحي يشبه الدمى العارية.

حرب اليمنيون ليست مع الدمى العارية،  بل مع العصابة وزعيم اللصوص، حرب هوية ووجود، حرب مصيرية لا يمكن أن تخدعها الدمى العارية سواءا كانت تسمى أبو زبعه أو مارتن أو مارك.

مقالات الكاتب