تعز وبعض واجبات الحكومة

يواجه اليمنيون منذ بضع سنين حربا عسكرية شرسة، فرضتها عليهم جماعة مهووسة بخرافة الحق الإلهي في الحكم ، و التي انقلبت بتمرد عسكري مسلح على مخرجات الحوار الوطني.

ساعدها في النيل من الشعب و الوطن حسابات خاطئة مشحونة  بالوهم، و رواسب بالية من بعض أطراف في الداخل، و أجندات متربصة باليمن من الخارج، و وقف كلا الجانبين بسذاجة يخدمان المشروع الإيراني، الأول بحسابات واهمة خاطئة، و الثاني بأجندات خائبة، الأمر الذي مكّن لهذا المشروع التوسعي البائس و لذراعه من جماعة الحوثي أن بسطت يدها على مقدرات و إمكانات  وموارد البلد.

ولقد وقف اليمنيون بصمود و ثبات يواجهون المشروع الإيراني و مليشياته الكهنوتية الحوثية، و حربهم القذرة المعلنة ضد الشعب و الوطن في كل محافظة و بلدة.

تعاقبت للشرعية حكومات، و لا شك أن جميعها كانت تعمل في ظل ظروف استثنائية صعبة، لكن ذلك لا يعفي الحكومة اليوم من أن تعمل بقوة و إرادة لاسترداد مواردها و الاستفادة منها في إطار سيطرتها.  

لقد وجد الشعب اليمني نفسه - اليوم - أمام جبهة جديدة لا تقل شراسة عن الجبهات العسكرية ، ألا و هي الجبهة الاقتصادية، حيث أخذت العملة الوطنية تتدهور بشكل متسارع ؛ الأمر الذي انعكس بصورة غلاء فاحش في الأسعار و بالضرر البالغ على حياة المواطن، فيما بدت الحكومة و كأنها عاجزة  عن فعل أي شيئ تجاه هذا التدهور المتصاعد للعملة الوطنية، و الغلاء المتغول للأسعار و خاصة في  السلع الاستهلاكية المهمة لحياة المواطن.

زد على ذلك ما يعانيه الجيش الوطني، على سبيل المثال، في جبهات تعز ؛ من توقف مرتباته منذ أكثر من سبعة أشهر، و حرمانه من التغذية منذ أكثر من عام، حيث انقطع عنهم ذلك بصورة نهائية.

هذه التصرفات غير السوية، والقصور الحكومي تجاه هذا الشأن يخلق ظروفا لتصرفات خاطئة ، و لن تكون البيانات التي تصدر متباكية من هنا أو هناك بقادرة على أن تستر سوأة الحكومة تجاه هذا الوضع الذي صنعته بيدها، وهيأت ظروفه بعملها. 

وما يقال هنا عن حرمان الجيش الوطني من حقوقه ومتطلباته، يقال بنفس القدر عن حقوق الجرحى وتسويف الحكومة،  و مماطلتها تجاه حقوقهم الشرعية. 

يدرك الجميع، وكل من يتابع مسيرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية منذ بداية المواجهات في تعز و التي بدأت بجهد ذاتي صرف لأبناء تعز، قبل أن تجد فيما بعد قدرا من المساعدات الأخوية غير المنكورة، لكنها نضبت و توقفت بصورة تدعو للحيرة و الريبة !

وخطابنا هنا نوجهه للشرعية؛ قيادة و حكومة ، ذلك أننا نفهم حصار مليشيا الكهنوت لتعز ، غير أن ما لا نفهمه هو موقف الشرعية و غياب الدعم اللازم لمتطلبات المعركة التي تخوضها تعز .

 نحن نربأ بحكومتنا الموقرة أن يتحول الجيش الوطني إلى متسول  في طابور الانتظار لما تجود به الجهات الرسمية، في حق من حقوق الجيش المشروعة، و في ظل معركة تقول إزاءها البدهيات إن من أوجب الواجبات و من أهم الضرورات توفير كل متطلبات هذه المعركة.   

لقد بات التساؤل الملح، و الساخر  - أيضا - أن يتساءل رجل الشارع البسيط عن خفايا وصول الصواريخ البالستية و الطائرات المسيرة لمليشيا الكهنوت، فيما يفتقر الجيش الوطني في تعز، أن تصل إليه أقل الأشياء الضرورية !؟ 

هذه حقيقة مرة، لا يستطيع أن ينكرها أحد، ولا حتى مُدْمِنيي البيانات ذات الأغراض المتعددة.

مقالات الكاتب