تطفيش المواطن

ما يحدث على ارض الواقع من اتهامات متبادلة, وصلت لحد غير مقبول, وما لها من انعكاسات على المواطن, لغرض تطفيش هذا المواطن البسيط والقنوع.

اتهامات في إطار المناكفة, يخدمها تعطيل النظم والقوانين , ومنظومة العدالة , حيث تختفي الحقيقة , وتبرز الاشاعة , لخدمة المشكلة والازمة , لإعاقة الحل .

كل من يصدر اتهام خارج النظم والقوانين , يعلم جيدا انه جزءا من الازمة , واستبداده في محاصرة حق الاخر احد سياجات عوامل الانحطاط , و إقصائه وتهميشه للأخر احد مبررات التعصب المقابل, في عدم تفهمه لحق الآخر, يوسع المسافة بينه وبين ذلك الآخر, فيملأها التعصب.

من منتجات الصراع التعصبي, تنشأ بيئة مثلى للمصالح , وقوى عفنة وترى ان من حقها ان تتسيد على الاخر, وتهيمن وتتصدر المشهد بقوة العنف , هذه المصالح او الاطماع تزيد من حجم المأساة , حيث يتسلق أطراف الصراع المنافقين الافاقين, الذين يستثمرون الفرص للنهب والبسط والسطو, ويقدمون أنفسهم أصحاب حق, مستثمرين لواقع تلك الحرب , باختراق مناطقي او طائفي او اثني , كل ما هو متاح يمكن استثماره للانقضاض على ما تبقى من دولة  ووطن , ومع الأسف ان حالة الانحطاط تخدمهم, وتقدم لهم مناصرين ومدافعين مبررين وسلطة , وقوات عسكرية , بغباء التعصب.

اليوم الشارع يكاد ينقسم بتعصب مع قوى الصراع , مثقف وجاهل , امي ومتعلم , تسقط كل المراتب العلمية , والثقافة المدنية , في وحل التعصب , فلا يجدون أنفسهم غير أدوات لهذا التعصب , وداعمين للحرب ومشعلي نيرانها التي يصطلي منها المواطن اليوم , فتجدهم يدافعون عن القتلة والمجرمين واللصوص والناهبين , والعابثين ,والمستبدين والمتعجرفين , والمتطرفين , ويسيرون في هذا المسار وهم سكارى يدوسون على المواطن وحقه بالحياة , يفتقدون للشجاعة الكافية او الجرأة الكافية لقول الحقيقة , ويحللوا الواقع دون تحيز وتعصب .

هذا المخاض التعصبي , ينتج لنا معتزلة جدد  واشاعرة , يديرون التعصب بحبكة , مؤسسين لصراعات يعلو فيها الشق المتطرف , للأفكار وهي تقاوم حق البقاء والتنافس , عندما تفتقد لحق المشاركة والتعايش .

اليوم شريحة كبيرة من المجتمع تحت خط الفقر, وهناك حالة تجويع وإذلال لشرائح المجتمع , عسكريين أفنوا حياتهم لخدمة الوطن سنوات , واليوم يعاقبوا مع سبق الإصرار والترصد لهم , وخدمتهم الوطنية , بينما يأتوا ببديل من قاع ذلك المجتمع بمعايير التعصب , غير مؤهل ليكون في مستوى المسؤولية , في صناعة للانحطاط , لكي يسهل إذلال هذا المجتمع , وهكذا يتم التعامل مع بقية الشرائح , انظر لما يحدث في المؤسسات والبديل السيئ , ومنظمات المجتمع المدني والنقابات , سياسة للانحطاط , في مخطط مدروس لإذلال امة , وتفكيك بنية , وانحطاط قيم , وإهانة وطن .

ان الآخر المقصى (بفتح الصاد) كافر بالضرورة. و«الكفر» هو ايضا مصطلح مرن تتسع دلالته كلما اتسعت مصالح المفتي المرتزق، وتضيق كلما ضاقت آفاق فكره أو ضاق مجاله الحيوي.

الاقصاء كافر والجوع كافر , واستهداف الهوية كافر , يكفر الناس بالحياة , مثل  الكفر المتبادل بين المذاهب المتناحرة على اساس الفتاوى المعلنة والمصالح المسكوت عنها.

فوضى ,تسمح لفتاوى مهولة مفجعة , مؤشر لانحطاط لا مثيل له في العصور السالفة , صنع له تيار جارف غبي , بقوة طاغية مجلجلة , يدفع نحو الانتحار الجماعي , انتحار العقل , حتى يتوقف التفكير , ويعدم كل من يجرؤ على ان يفكر.

الناس تجوع , والموطن تجاوز خط الفقر , والمطلوب منه ان يكون مع او ضد , دون ان يتألم جوعا وقهرا وكمد , ويتعرض لفتوى ابادته من على ارضه , بوحي انها غير صالح للعيش بكرامة وعزة, فلا يترك لهم خيار اخر غير الموت او النفي او القبول العيش ذليل مهان.

لسان حال سلطات الأمر الواقع على مناطق حيوية معطلة في البلد, تقول للمواطن فيها هذه الارض لا تصلح للعيش لكم , ارحلوا عنها , واتركوها لنا نحن وحدنا القادرين على العيش فيها , وبدونكم ستعود لنا فيها جنة عدن , بتطفيش واضح وجلي, لا غبار عنه والشواهد كثيرة .

مقالات الكاتب