هل سيكون مصير شرعية هادي كمصير إمامة البدر؟

خصَّ اليمنيون الرقم سبعة بالتشاؤم والتطير دون سائرالأرقام،ومن ينظر في الموروث الشعبي اليمني سيجد هناك الكثير من الأمثال والقصص على ذلك.

سبع سنوات بأيامها البائسة،ولياليها الحالكة مضت بلا حزم أو أمل،ولازال  اليمنيون في انتظار عودة الدولة التي ستسوقها إليهم أعاصير العاصفة،أو تحملها إليهم أجنحة الأمل !

عاصفة الحزم وعودة الأمل شعاران متناقضان لفظًا ومعنى .

فالعواصف لا تخلّف سوى خرب الأمصار والمدن،فتجعل منها منابتًا  غير صالحة لزراعة الأمل .

دُمرت الدولة تحت شعار عودة الشرعية، ودُمر حاضر الإنسان،وماضيه بدعوى إعادة الأمل،آمال ظل الطريق إليها مجهولًا،والسير نحوها متعذرًا،بعد أن أيقن الجميع أن طلاسم الدعاية السياسية لا تصلح أن تكون خارطة للوصول إلى تحقيق الشعارات المعلنة. 

 بعد سبع سنوات وجد اليمنيون أنفسهم في منتصف الطريق؛لايمكنهم مواصلة المسير بلا هدف،ولا يمكنهم التراجع بلا رؤية،كملاح بلا بوصلة ؛تاه في عرض البحر،فلا استطاع  مواصلة رحلته، ولا العودة إلى اليابسة .

لذا قيل قديمًا من اتَّخذ الغراب دليلًا طاف به على المزابل،فمن لا يحسن سوى نخر الجيف؛ليختار أقذر ما في بطونها مادة يستمد منها البقاء لايمكن أن يوصلك إلى غيرها .

ومن يقرأ التأريخ فقد أضاف عمرًا إلى عمره،ومن علم أن الأموال السعودية فشلت في الماضي على استعادة عرش حليف الأمس الإمام البدر الذي ينتمي إلى نفس المذهب والطائفة التي ينتمي إليها خصم اليوم الحوثي،لن تستطيع استعادة شرعية هادي،فالرجلان لايختلفان عن بعضهما سوى باختلاف النوايا والمصالح السعودية، فشعار استعادة الشرعية  لايختلف عن دعوى عودة الملكية،سوى باختلاف المصالح السعودية،وماعداها من أوراق مذهبية،أو قومية ليس إلا مقبلات للوجبة الرئيسية، فحين كانت الرياض تحارب إلى جانب فلول الملكية لم يكن في حساباتها محاربة المد الصفوي الذي أقام أركان دولته المذهبية في القرن العاشر الهجري؛قبل أن يظهر  البدر والحوثي بقرون،ولم تكن المذهبية حينها تشكل أي خطر عليها ،بقدر ما يشكله خطر المد الجمهوري،وسقوط الأنظمة الملكية من حولها،وتحوّل بلدانها إلى النظم الجمهورية ذات التوجهات القومية، أو اليسارية،فقدمت الرياض حينها محاربة  المد الجمهوري على خلاف البدر المذهبي،فخاضت حربًا مفتوحة في اليمن استمرت سبع سنوات حشدت لها التحالفات الإقليمية،والأموال الطائلة،والدعم السياسي والدبلوماسي ما لم تحشده لشرعية هادي،وبعد انقضاء عدة سبع سنوات لم تحتاج سوى نزع الكمامة التي كانت تمد رئة البدر بالحياة، ولم يكلفها ذلك سوى قطع خيوط التواصل مع الملكيين،والدخول في مفاوضات مباشرة مع مصر دون الرجوع، أو علم الأطراف المتصارعة،وتحويل مسار الصراع  من عسكري إلى سياسي،من خلال الاتفاق على عقد سياسي جديد لليمن لم يكن جمهوريًا ولا ملكيًا،فظل اليمن طوال خمسين سنة معلقًا بين المنزلتين،بحسب تعريف المعتزلة لصاحب الكبيرة (ليس مؤمنًا ولا كافرًا ).

يبدو أن هاديًا سيلقى نفس مصير البدر،وستنتهي ورقة الشرعية حيث انتهت ورقة الملكية،لأن صلاحية كل المنتجات السعودية  تنتهي بعد سبع سنوات،وأي محاولة لتمديد صلاحية المنتج ستصبح خطرًا على حياة المنتج والمستهلك معًا .

لذا يبدو أن الرياض ستنزل هاديًا في نفس المحطة التي أنزلت فيها البدر من قبل ،وستطوى ورقة الشرعية كما طوت صفحة الملكية، بمجرد موافقة الرياض على سقوط مأرب التي كانت هي نفسها آخر معقل للملكيين،ومنها غادر البدر إلى الأبد،لكنه نسي أن يأخذ معه مشروع الإمامة!

فهل ستتجاوز الرياض الشرعية والحوثي وبقية القوى السياسية؟ بعد انتهاء فترة صلاحية المنتح،لتذهب للتفاوض مع إيران مباشرة عبر مسقط دون الرجوع إلى الأطراف المحلية؛ لإنهاء مشروع التغيير الذي جاء بهادي إلى السلطة،ومشروع الإمامة الذي تسلَّم بموجبه الحوثي مفاتيح صنعاء ! 

والاتفاق مع إيران على تعليق اليمن خمسين سنة آخرى على أعواد مشنقة منزلة بين المنزلتين، لا ثورة شعبية،ولا ثورة مذهبية،والاتفاق على صياغة عقد سياسي جديد على نفس الأسس  الجملكية عام 1979م .

ويكون مصير بقية الأحزاب والمكونات السياسية - شمالًا وجنوبًا- نفس مصير القبائل الملكية والجمهورية .

مقالات الكاتب