عن (صالح) والمسجد والقناة

 

حكم علي عبد الله صالح اليمن أكثر من ثلاثين سنة بحسناته وسيئاته، كان لدى الرجل إيجابيات، لاشك نحن الآن لا نتحدث عن السلبيات، فقد تحدث عنها الشعب اليمني بثورة 11 فبراير, كانت اليمن فريدة في إسقاط الحكم كان فيها نوع من المرونة وحفظ ماء الوجه وتلافي حرب أهلية مع ما فيها من سلبية في عدم اكتمال الثورة، وهذه خسارة تقتضي استمرار الثورة ربما تكون التكلفة أقل .. المهم اختار اليمنيون المبادرة الخليجية فيها حصانة للرئيس السابق ومن معه.. الحصانة أكيد لم تكن عن منجزات وإنما عن جرائم ودماء وأموال وعفى الله عما سلف.كل هذا مقابل أن يتنازل الحاكم وعائلته عن الحكم ويذهب مكرماً بأموال ومليارات بإمكانه أن يعيش فيها أميراً بدون وجع رأس.. تنازلات مقابل أن يكف الرئيس السابق عن توجيع رأس الوطن و«المطابزة» والعرقلة، بمعنى كان عليه أن يعتزل العمل السياسي والإعلامي وإلا فلا معنى لكل التنازلات والحصانة إذا اتخذها وسيلة للعودة. 

فكرة العودة إلى الحكم وممارسته للعمل السياسي فكرة مؤذية ومجنونة وغير واقعية، ومن يزين لعلي صالح وأولاده إمكانية العودة هم من عديمي الضمير ومن يريدون هبر الممكن من الأموال ليس إلا .. أي ممارسة للسياسة من حاكم ثار عليه شعبه وقتل نظامه منهم العشرات في الشوارع، هي نوع من «العباطة» والتخريب، لأنه لن يمارس سوى التخريب مدفوعاً بالأحقاد والانتقام، ومن ثم فإن أخطاء علي عبد الله صالح هي ممارسته السياسة وكأنه «مانديلا» أو قائد تحرير شعبي.. يكذب الإنسان ويصدق نفسه وهذه مصيبة، اختطافه للمؤتمر الشعبي العام وميزانية المؤتمر خطأ في حق المؤتمر والشعب كله, نحن بحاجة إلى المؤتمر ليتحرك كحزب مساهم في عملية التغيير بعيداً عن الأحقاد والعقد، وكانت الثورة حكيمة عندما تلاشت شيطنة المؤتمر واعتبرت الثورة للجميع محاولة الفصل بينه وصالح .. من أخطاء صالح قيادة آلية إعلامية وقناة إعلامية تقود عرقلة مسيرة التغيير بصورة غير شرعية ... 

نحن هنا ضد أي إيقاف لوسيلة إعلامية لكن الأمر قبل أن تكون وسيلة إعلامية هي وسيلة غير شرعية لشخص ما كان عليه أن يمارس السياسة ليدع عجلة التغيير تمشي وإلا «لما عاد سرجنا يامسجد ذمار» ولماذا كانت الحصانة بعد ثورة ودماء ؟ ... القناة غير شرعية وهي بالأساس منهوبة من القناة الرسمية وأسست في البداية لتكون قناة تابعة للجيش، فمن الذي ملك «علي صالح» القناة التي أخذت تبحر خارج السرب الوطني وتعبر عن لسان رجل تقول مصلحته ومصلحة الوطن أن يغيب عن الأنظار ويقنع بما حصل عليه، ألا يكفيه ثلاثاً وثلاثين سنة حكمها عرضاً وطولاً. 

مسجد الصالح هو مسجد يتبع الدولة وليس تابعاً لشخص فما هو مبرر الاحتفاظ به كموقع بجذر الدار الرئاسي بدهاليزه وسراديبه وأسلحته. لقد حكم علي عبد الله صالح اليمن ثلاثاً وثلاثين سنة وثلاث سنوات يدير فيها ثورة مضادة ليعود مرة أخرى يعني لم يسلم الحكم كما يدعي .. هذا جنان وعدم توفيق ولا أحد يجد تفسيراً لهذه الأعمال إلا أن عدالة السماء تدفع بالناس إلى حيث يجب أن يكونوا لأن «الله لايصلح عمل المفسدين». 

مقالات الكاتب