إيهاب باوزير.. آخر رموز عدن المغدورة

على مدى 30 عاما ظل الاستاذ ايهاب عبدالله سالم باوزير معلما للقران الكريم وداعما لتعلمه وإتقانه وساعيا لتوفير الأجواء الملائمة لحلقات التحفيظ لايكل ولا يمل عن هذه المهمة التي أخذها على عاتقه منذ نعومة أظفاره.

تفرد ايهاب باوزير بمعية الرعيل الاول من مؤسسي حلقات التحفيظ وتعليم القران الكريم في محافظة عدن أمثال عمه الشيخ الفاضل امين باوزير والاستاذ اشفاق عبدالرزاق رحمه الله على سبيل المثال لا الحصر وغيرهم كثير، حتى أصبح رجل القرٱن الاول وحامل لواءه في عدن.

عرفته صاحب وجه بشوش وابتسامة رقيقة يقابل إيهاب باوزير كل الناس،محبا للخير، وباذلا للمعروف،سليم الصدر، متواضعا محببا لكل الناس صغيرهم وكبيرهم، اللذين فجعوا كما وأهله وكل محبيه،بفقده على حين غيلة.

حتى قبيل تعيينه مديرا لإدارة تحفيظ القران الكريم في مكتب التربية والتعليم بعدن، خلفا للشيخ الشهيد محمد راغب بازرعة الذي اغتيل هو الآخر برصاص مسلحين اثناء مغادرته مسجده في عام 2018م، كان ايهاب باوزير شعلة نشاط لاتنطفي في دعم القران الكريم وأهله.

سليل أسرة علم وأدب وشعر خط الباوزير طريقه معتبرا مدرسة الامام الشيخ محمد سالم البيحاني نبراسا وقدوة، فوالده القاص والأديب عبدالله سالم باوزير رائد القصة القصيرة، وعمه الشيخ امين باوزير مؤسس حلقات التحفيظ في عدن خلفا للامام البيحاني بعد مغادرته عدن في السبعينات.

أكتب هذه السطور عن ايهاب باوزير الذي اغتالته اياد الاثم والخيانة برصاص غادر أثناء خروجه من مقر عمله في خورمكسر ظهر الثلاثاء 7 ديسمبر 2021، ولايزال مسلسل الدم على مدى 6سنوات يحصد اجمل مافينا من شخصيات وكوادر لإفراغ هذه المدينة من رموزها وعلمائها وأهل الفكر والتنوير، وأجهزة الأمن تمارس دور المتفرج لاتحرك ساكنا.

تقول الرواية أن مسلحين ملثمين اثنين يستقلان سيارة نوع (سنتافي) لون كحلي، يرتدون زيا عسكريا أحدهما لديه سلاح رشاش (كلاشنكوف) والآخر لديه مسدس، أطلقا خمس رصاصات على الشهيد ايهاب باوزير، أصابت احداهن ساقه، واستقرت رصاصتين في ظهره، واخريتين في عنقه، فارق على إثرها الحياة، كل هذا يحدث بالقرب من نقطة أمنية تبعد مسافة امتار.

أكثر من 200 ضحية لاغتيالات عدن والأجهزة المعنية لاتقوم بدورها و عدم تعاملها بجدية مع هذا الملف يثير الشكوك بأن المسؤولين قد يكونون متورطين أو سمحوا بتلك الاغتيالات، والا فماذا يعني عدم بذل سلطة الأمر الواقع جهوداً جادة للكشف عن ملابسات هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها؟. 

أيها السادة إنّ تصاعد الاغتيالات السياسية في عدن هو نتيجة طبيعية للإفلات من العقاب الذين حظي به مرتكبوا الجرائم السابقة،حيث لم نر أي تحركات فعلية لحماية النشطاء السياسيين والشخصيات المستهدفة، أو حتى محاسبة المسؤولين عن عمليات الاغتيال السابقة.

سيظل ملف الاغتيالات في عدم وصمة عار على الجميع مالم نتداعى جميعا لإدانة تلك الجرائم، وتكريس خطاب مناهض لخطاب التحريض والكراهية، الذي يستغله المجرمون لتمرير جرائمهم في كل مرة،والعمل على استنهاض الشارع لمكافحة هذه الجريمة الشنعاء ومحاصرة تحركات المجرمين.

مالم فإننا أمام مذبحة لرموز عدن و كوادرها وكل مقدراتها ومكتسباتها على مرأى ومسمع من الجميع، اللذين يمارسون دور المحلل لهذه الجرائم السياسية الممنهجة.

من يغتال أهل القرآن والعلم والفكر والتنوير يسعى لترويج عقائد زائفة وافكار طائفية مقيتة ومذاهب متطرفة وآراء مناطقية عنصرية، تلك هي الأهداف الكبرى لهذا المخطط الاسود.

لقد عوقبت هذه المدينة على وقوفها أمام مليشيا الحوثي في 2015م ورفضها الرضوخ للأمر الواقع وأبى شبابها وأهلها الا مواجهة ذلك الاجتياح الغاشم بصدور عارية متسلحين بالإيمان والشموخ،فكان الثمن الباهض، فهل من افاقة قبل فوات الأوان.

إلى جنة الخلد ياشيخ ايهاب باوزير 

لاخوف عليك، فقد مضيت إلى ربك العدل

وعند الله تجتمع الخصوم

عظم الله اجرك ياعدن

مقالات الكاتب