لماذا يستدعى (الجنوب) للتحريض ضد الناشطة (الصراري)؟

في السادس من أبريل من العام 2019م لفظ الشاب "محسن" أنفاسه الأخيرة في إحدى مشافي عدن متأثرا برصاصات اطلقها عليه مسلحون يستقلون دراجة نارية في مديرية المنصورة ويلوذوا بالفرار.

ولمن لايعرف "محسن" الشاب العشريني، فهو نجل الناشطة الحقوقية المحامية #هدى_الصراري، وعملية اغتياله كانت بعد أيام من ظهورها في تقرير لوكالة (اسوشتد برس) الأمريكية عن السجون السرية والمخقيين قسرا في عدن.

كانت الصراري من أشجع المدافعين عن حقوق الإنسان في #عدن وكان لها الفضل في كشف السجون السرية التي تديرها الامارات ورصدت الآلاف من المخفيين، قبل أن تضطر لمغادرة اليمن بعد تعرض حياتها للخطر اثر اغتيال نجلها "محسن".

وفي الثاني والعشرين من فبراير من العام 2020م، اعتبرت المحامية والناشطة الحقوقية هدى الصراري فوزها بجائزة "مارتن اينالز" الدولية في مجال حقوق الانسان، اعترافاً دولياً بملف المعتقلين والمخفيين قسراً في جنوب اليمن، وتأكيد على حقيقة وجود سجون سرية في عدن أنشأتها دولة الإمارات.

وفي الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي قال موقع “ذي إنترسيبت” الأمريكي إن كشف الناشطة الحقوقية اليمنية هدى الصراري لانتهاكات الإمارات في اليمن جعلها تدفن ثمناً بمقتل ابنها وخروجها إلى المنفى.

وأوضح التقرير الذي أعدته المراسلة (أليس سيبري)، إن الصراري إلى جانب عدد من المحامين والناشطين بنوا قاعدة وصل حجمها إلى (10.000)اسم، وكلهم اعتقلوا خارج الإطار القانوني للدولة.

وأشار إلى أن عمل الناشطة اليمنية كان مهماً لتقارير نشرتها وكالات ومنظمات دولية، وأدى الكشف عن الانتهاكات والتعذيب في جنوب اليمن وتورط القوى الأجنبية للاهتمام بما تقوم به القوى الأجنبية في البلد وكذا الانتهاكات التي ارتكبت باسم مكافحة الإرهاب.

ولفت إلى أن عملية التوثيق التي نشرت أسهمت في الإفراج عن (260) معتقلا، وقدمت دليلا مهما في دعوات لاعبين دوليين للمحاسبة على الانتهاكات التي ارتكبت في اليمن، كما لايزال أكثر من ألف شخص داخل المعتقلات، كما أن هناك 40 شخصا لا يزالون في عداد المفقودين، وفق الصراري.

 

وتابع: "بعد أربعة أعوام ترك عمل الصراري أثرا عميقا على حياتها، فقد هربت من اليمن في عام 2019، بعد أشهر من مقتل ابنها الشاب. وتعتقد أن القتل هو انتقام لما قامت بعمله من فضح للممارسات في السجون السرية، وقالت الصراري: "سأواصل عملي، ولست نادمة على ما فعلت رغم الخسارة التي تكبدتها".

مجددا تعود حملات التحريض الممولة ضد المحامية هدى الصراري عبر محاولة تصنيفها في خانة أعداء (الجنوب) وهي النغمة الاسهل لكي يستطيع مطلقوها حشد القطيع ضد (الصراري)، لكن في الحقيقة ان الجنوب وقضيته لاتمتان بأي صلة بحملات التحريض الممولة تلك.

فالمجلس الانتقالي أصبح مشاركا في مجلس رئاسي لقيادة الجمهورية اليمنية، ورئيس الحكومة معين عبدالملك قال في ختام مشاورات الرياض في كلمته المتلفزة أن المشاركين اتفقوا على تأجيل النقاش في قضية الجنوب إلى مفاوضات الحل السياسي.

إذ لم يعد اطلاق مسمى (أعداء الجنوب) حكرا على المخلصين، فقد يسعى لذلك المتمصلح و صاحب النفوذ والباحث عن الابتزاز تحت لافتة الجنوب (جواز مرور)، وكلنا يذكر حملة التحريض ضد البنك المركزي بمزاعم أنه يعمل ضد مصلحة الجنوب!، لنكتشف لاحقا أن الهدف من وراءها الضغط عليه لإصدار تصريح لإقامة بنك!، وحملة التحريض ايضا ضد شركة اتصالات بحجة أنها مخترقة للأمن القومي الجنوبي!، لنكتشف لاحقا أن الهدف هو الحصول على ترخيص لشركة اتصالات جديدة!!.

بالمختصر فإن حملة التحريض على الناشطة هدى الصراري هدفها إسكات الصوت المدافع عن المخفيين قسرا و المناهض لكل أشكال الانتهاكات والمطالب بإغلاق السجون السرية وكشف المتورطين في عمليات الاغتيال والتعذيب وغيرها من صنوف الجرائم التي اقترفتها الامارات ومليشياتها في عدن ، ومحاولة دفن الحقيقة مع الضحايا.

ولن تفلح معها محاولات التزييف و الاستغباء، فذاكرة الناس ليست مثقوبة والحقوق لاتسقط بالتقادم، والجرائم التي يسعون لطمسها أضحت حقيقة واضحة أمام العالم أجمع.

خالص التضامن مع الناشطة الحقوقية هدى الصراري.

مقالات الكاتب