"غروندبرغ" على خطى سابقيه

يبدو أن المعطيات التي نلمسها على الساحة اليمنية وتحديدا فيما يخص المبعوث الدولي "هانس غروندبرغ" كلها تفضي الى حقيقية مرة طالما تكررت مع سابقيه من المبعوثين مفادها أن لا جديد على الاطلاق حققه أي مبعوث أممي سابقاً وحالياً ، بل تنقلب الأدوار وتتحول مهمة المبعوثين إلى شرعنة الانقلاب والتعامل معه كأمر واقع والانصراف عن المهمة الاساسية إلى مهام شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع .

وحتى يتضح الأمر أكثر فإن مهمة المبعوث الدولي هو المساعدة في تطبيق قرارات مجلس الأمن وعلى راسها القرار الدولي 2216 والذي يلزم الانقلابيين الحوثيين بالخروج من المدن التي يحتلونها ويسلموا مؤسسات الدولة التي استولوا عليها بالإضافة إلى إعادة الأسلحة الثقيلة التي نهبوها من مخازن ومعسكرات الجيش اليمني والافراج عن المختطفين ، وباختصار شديد التراجع عن كل خطواتهم الانقلابية ، وعودة الحكومة الشرعية والالتزام بالمرجعيات التوافقية وهي (المبادرة الخليجية - مخرجات مؤتمر الحوار ، القرار الدولي المشار اليه هنا).

كل هذا له معنى واحد وهو ان يقود المبعوث الأممي المشاورات لتنفيذ القرارات الدولية، ولا يدير مفاوضات بمحددات جديدة ، أو يسمح للانقلابيين بإعادة التفاوض أو تغيير محدداته وشروطه، ولا يعمل معهم لاكتساب أي وجه من أوجه الشرعية التي هم فاقدون لها اصلاً باعتراف اكبر مؤسسة في العالم وهي التي ارسلته لمهمته ، كما أن المشاورات التي يجب ان يقودها لا تعني السماح للانقلابيين بشرعنة انقلابهم ، أو شرعنة أي من خطواته كسيطرتهم على العاصمة صنعاء بما فيها من مؤسسات الدولة ، أو اعطائهم أي من أوجه الحق في السيطرة على أراضي ومرافئ وموانئ وجزر اليمن .

كل هذه المهام لم تكن احدها هي التي يحملها هانس غروندبرغ خلال فترة عمله حتى اليوم ، وهاهي مهمته تدخل عامها الثاني دون تحقيق اي منجز في اطار تطبيق القرار الدولي وانهاء حالة الحرب والدخول في عملية سياسية مرتكزة على المرجعيات التي حددها القرار الدولي ، وقبل هذا وذاك توافق عليها اليمنيون وكان الحوثيون جزء من هذا التوافق ثم انقلبوا عليه كعادتهم ، والمحير أن تذهب جهود المبعوث الدولي في اطار هدنة شكلية ليست ضمن عملية سلام شاملة ، ويقدمها في احاطاته كأحد إنجازاته رغم أن كل المعطيات تقول أن هذه الهدنة تم فرضها من قبل أطراف دولية على المنطقة لاسباب تخص تلك الاطراف ليس لليمن ولا للمبعوث الدولي ناقة فيها ولا جمل .

ما حصل ويحصل من فشل ذريع للدور الأممي في اليمن بشكل عام يمعنعنا من التعويل على دور الامم المتحدة في حل الأزمة في اليمن مستقبلاً خاصة إذا اضفنا إلى هذا الفشل تعنت الحوثيين وعدم جديتهم في السير في عملية السلام وإفشال كل الفرص التي اتيحت امامهم وكان يمكن البناء عليها لتجنيب البلاد والعباد المزيد من العبث والضياع التي تفرضه الحرب ويطيل أمده استمرار الانقلاب فعلاً وأشخاصاً وأثاراً وأدوات ، وهذا الفشل الأممي يوفر للانقلابيين المزيد من الوقت يمارسون فيه خداع الداخل والخارج أنهم يتجاوبون مع جهود السلام في حين أنهم لا يمارسون إلا مزيداً من العبث والفوضى بأمن وسلام اليمن والاقليم ، وهذا العبث ينعكس بالتالي على الامن والسلام العالمي وخاصة أن كل العالم لديه الكثير من المصالح والارتباطات في هذه المنطقة الاستراتيجية ولم ولن يكن الانقلابيين يوماً شركاء صالحين لإدارتها انما يمثلون مصدر التهديد الأول عليها.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب