قحطان وفشل السياسة اليمنية

اليوم وبعد مرور ثمان سنوات على اختطاف القائد السياسي اليمني محمد قحطان لا أجد مبرراً بالمطلق لعجز السياسة اليمنية حتى اليوم عن الإفراج عنه وهو أحد روادها وأعمدتها الهامة، وليس من المنطقي أن لا يعدُّ الإفراج عنه أولوية قصوى لدى الجميع لاعتبارات عديدة سياسية وإنسانية وأخلاقية ، وخاصة أنه ظل طوال مسيرته السياسية منحازاً للوطن مغلِّباً ذلك على أي مصالح شخصية أو حزبية، جاعلاً من جهده وحنكته السياسية سبيلاً لتجميع جهود القوى السياسية كافة وردم فجوات التباين والاختلاف، والانطلاق برؤية موحدة لإصلاح البلد وتجنيبه المآسي التي وصلنا إليها، فيما كان قحطان يستقرأ المستقبل بنظرته الثاقبة، ويسعى لتجنيب البلاد ماينتظرها.

الفشل باطلاق قحطان حتى اليوم لا تتحمل وزره جهة واحدة دون غيرها، أو حزباً دون سواه، بل تتحمله المنظومة السياسية بشكل كلي بأحزابها ومؤسساتها الرسمية والشعبية ونخبها ، وهنا قد يقول قائل بأنهم لايملكون عصا سحرية لفعل ما يتمنون! فأقول أن الجميع لو ارادوا ذلك مجمِعين عليه ومجتمعين حوله لفعلوا فالسياسة هي تحويل المستحيل إلى ممكن عبر امتلاك أوراق الضغط، وانتهاج المساومات الناجعة، وحصر الخصم بين تحقيق مطالبه وبين تقديم ما يقابلها ويشابهها أهمية، وللأسف فقد حصل الانقلابيون على مكاسب عديدة دون أن يقدّموا بالمقابل شيء يذكر تحت مبررات ودواعي غير منصفة وغير عادلة.

المعلوم أن الاستاذ محمد قحطان مشمول ضمن قرار مجلس الأمن 2216 المتخذ في 14إبريل2015م والذي ألزم الحوثيين بالإفراج عنه وعن رفاقه، وعلى ضوء هذا القرار تم تدويل القضية اليمنية، لكن العجيب أنه لم يتم تناول جزئية الإفراج عن قحطان ورفاقه وضمها ضمن أجندة المبعوثين الدوليين الذي توافدوا على اليمن تحت مظلة الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن سالف الذكر! وقدموا للانقلابيين خدمات ومكاسب عديدة دون أن يلزموهم بشيء ذات قيمة، وأخرها الهدنة التي تمت تحت مبررات إنسانية لكنها أعطت للانقلابيين الوقت لتطوير إمكاناتهم وإعادة ترتيب مسلحيهم ليعاودوا استهداف المدنيين والمواني والمدن والأعيان المدنية ومواقع الجيش ومسؤلي الشرعية ، بينما كان بإمكان الأمم المتحدة التي تمت الهدنة تحت إشرافها إلزامهم بتتقديم خطوات اثبات حسن نية أقلها الإفراج عن قحطان وبقية المختطفين.

ونحن نُكمل ثمان سنوات على اختطاف قحطان من اللازم أن تتغير طريقة التعاطي مع قضيته، وتحويلها إلى أولوية كونها تخص الجميع، والاتجاه إجبارياً كواجب أخلاقي وسياسي لا ينبغي تأجيله أو التملص منه ، والضغط على الانقلابيين للإفراج عنه ومن تبقى في معتقلاتهم المشؤومة، كما ينبغي التوقف فوراً عن سياسة المراضاة مع جماعة عنصرية لا تؤمن بالقيم ولا بالأخلاق ولا بالقوانين أثبتت الأيام والأحداث أنها لا تقبل التفاهم ولا تعترف بالتعايش ولم يسلم من إجرامها أحدٌ من اليمنيين.

دمتم سالمين..

مقالات الكاتب