مأساتنا والسيد عبد الملك !!

ما حققته الحوثية في سنوات ها هو يذهب ويتبدد وفي أيام معدودة  .السلطة بكل تأكيد تفقد العقل لبابه ؛ فكيف بدعوة فقهية دينية اصلاحية طائفية ومن ثم تجد ذاتها في خضم ثوري سياسي تاريخي ديمقراطي وطني دولي يتصادم في معظمه مع دعوة السيد حسين واتباعه الميامين المنقلبين على تراث الزيدية الموشك على الاندثار والطمر بفعل زحف فكر الصحراء الواصل الى عقر دار الإمام الهادي " صعدة "  ؟


المؤكد اننا إزاء حالة عجيبة غريبة وفي زمن انتفت فيه العجائب والغرائب . فهذه الدعوة وبقدر ما كسبها حروبها مع النظام الاسبق وجيشه تعاطف الكثير من اليمنيين ها هي الآن في مواجهة غالبية اليمنيين وبعيد ان صارت في موضع الآمر الناهي الذي لطالما اكتسبت شعبيتها من وقوفها بوجهه كسلطة فردية عائلية قمعية فاسدة مستفردة بكامل القوة والمال والقرار .


عبد الملك ليس مؤهلا كشقيقه الراحل الشهيد حسين ، فعلى اقل تقدير كان حسين يحمل فكرة وقادة ملهمة لاتباعه المأسورين بدعوته وافكاره الخارقة لرتابة الفكر المعتزلي الذي عُرف تاريخا بكونه فكرا حيويا ومتجددا لا يقبل الجمود والانغلاق وفي كل الاحوال والظروف .


مأساة الشقيق الاصغر أنه وجد ذاته مضطرا لحمل فكرة الإمامية الجمهورية ودونما اعتبار للمؤهل أو البيئة الحاضنة ، النتيجة بالطبع ثورة عارمة ليس لها من فكرة جامعة غير اتباع انموذج حزب الله وصاحبه السيد حسن نصر الله ، الخطيب المفوه ، والمحارب العنيد ، الذي نجح وقتا بتسويق ذاته كملهم ومقاوم شرس لاسرائيل .


فهذه قناة " المسيرة " بمثابة " المنار " وذاك محمد با سندوه يماثل فؤاد السنيوره في اجهاشه بالبكاء وفي رئاسته لحكومة فسيفساء لا جامع لها سواء الاخفاق . ما غفله عبد الملك هو ان جنوب لبنان غير شمال اليمن .


فكتائب السيد ربما افلحت في تأجيج الشارع العربي لبرهة زمنية ، كما وتسببت كتلة السيد في تعطيل اداء الحكومة وشل البرلمان التوافقي الطائفي ؛ لكنها - وهذا ما بات مؤكدا وواقعا – تسببت في خنق بلد برمته ، فضلا ان ثورة الشعب السوري يحسب لها فضح وغشي ما كان مستترا وخافيا خلف الخطب العصماء الملهبة لمشاعر العرب المخدوعين حقبة بالسيد حسن وحزبه الطائفي .


أيا يكون الامر ؛ فالسيد عبد الملك ربما نجح في اسقاط الحكومة وأن كان بداع الجرعة السعرية ، ومع ما احرزه في الواقع من نتائج لم تكن بحسبان اكثر المتفائلين من اتباعه وانصاره الذين هم هنا خليطا ولفيفا جامعهم الاوحد مطلبي أكثر من اعتباره ثوريا وسياسيا ويتعلق بفكرة التغيير .


نعم سقطت الحكومة ومعها سقطت العاصمة وما بقي فيها من شكل سلطة ومؤسسة ، الحصيلة بالطبع كانت مهولة وصادمة لعبد الملك ذاته ، فلم يمض على تنحية الرئاسة والحكومة سوى ايام معدودة كي يكتشف السيد وانصار الله بإنهم قد استدرجوا الى موضع هو أكبر منهم ومن قدرتهم ، بل واكثر من ذلك إذ أنهم سيجدون انفسهم في نهاية المطاف سيذعنون بكونهم قد فشلوا واخفقوا في تحقيق أي من الفكرتين ، فكرة الاستنساخ لتجربة السيد حسن  او لجمهورية الإمام الخميني .


نعم فمشكلة السيد عبد الملك وانصاره أنه لا الجغرافيا ستساعدهم في تكرار انموذج حزب الله أو ان الفكرة الدينية ستجعلهم يسيطرون على اليمن كملالي ايران ، والحال ينطبق حين يستولون على الحكم إنابة عن ثوار او حتى نظام عسكري قبلي جهوي ، فبكل الحالات لن يكون السيد وجماعته إلَّا فئة مارقة خارجة ناشزة عن سياقها الفكري والجغرافي والوطني والتاريخي والمجتمعي والاقليمي .

مقالات الكاتب