مللنا القول: كفاية خراب

كنت اقرأ على ضوء الشموع، ومع ضجيج "الموتور" الكهربائي الخاص بجارنا, التقرير الأخير المقدم إلى مجلس الأمن من قبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة, السيد جمال بن عمر, لا جديد فيه يُذكر سوى فقرة واحدة تتعلق بالرئيس السابق الذي يرأس حزب المؤتمر، الشريك في حكومة الوفاق الوطني.

 

فقرة يتيمة أشارت بسخرية غير مقصودة إلى الرئيس السابق الذي يتوهّم أنه يقود المعارضة في مواجهة حكومة حزبه شريكٌ فيها. وكالعادة، تضمّن التقرير تهديدا مبنيا للمجهول, للمرة الخامسة على التوالي, بعقوبات دولية ضد من يعملون على عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن.

 

ويبدو من حالة التدليل التي يمنحها المجتمع الدولي للرئيس السابق وفلوله ابتداء بامتيازات المبادرة وحصانتها وانتهاءً باستمرار الصمت المريب تجاه هجماتهم المستمرة على أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز والكابلات الضوئية الخاصة بالاتصالات وقطع الطرقات والاغتيالات، أن هذه "البهررة" الدولية يعرف المعارض الجديد أنها مجرد "فشنج"، وإلا لما استمر بمعارضته التخريبية.

 

كان الرئيس عبد ربه منصور هادي واضحاً في تحذيراته في الندوة العلمية الخاصة بـإعادة "هيكلة جهاز الشرطة", رغم أني تمنّيت أنه لو كان ترك الكاميرات التلفزيونية تنقلها للجمهور والرأي العام أفضل من أن ينقلها من تبقى من فلول صالح في جهاز الشرطة الحاضرين في القاعة ذاتها.

 

لم ينفد صبر الرئيس هادي من فراغ، وهو صاحب قلب يتميّز بالصبر وصدر واسع، ويخطو خطوات حذرة ومدروسة, لكن كيف بالشعب الذي يعاني باستمرار من مخربِّي الكهرباء وقاطعي الطرقات وفرق الاغتيالات؟ وكيف بالخزينة العامة التي تعاني من الخسائر الفادحة؟ فقلوب أبناء الشعب ليس شرطاً أن تكون بحجم قلب الرئيس هادي.

 

هناك قرارات بالإمكان أن يتخذها هادي قبل القرارات التي هدد باتخاذها لإلغاء حصانة "المناضل العظيم", أو إحالته وأقربائه ومفسديه إلى القضاء لمحاكمتهم عمّا لطشوه – ولازالوا-  من أموال الشعب اليمني وثروات الوطن في المؤسسة العسكرية والنفط والمؤسسات الإيرادية والأراضي والصفقات.

 

هل صار قائد عسكري مثل عبد الله ضبعان عصيا على قرارات الرئيس هادي، وحتى أنه يتحول إلى  قاطرة إجرام متنقلة من تعز إلى "جليلة" الضالع؟ وهل صار محافظ ذمار قوة صلبة حد أن يعجز الرئيس عن إقالته أو محافظ ريمة والمهرة وحضرموت؟

 

إذا كان الرئيس هادي صاحب القلب الكبير والصدر الواسع قد نفد صبره لما تقوم به المعارضة (الصالحية) من جرائم تقطّعات واغتيالات وتدمير الكهرباء والنفط والغاز والاتصالات ونهب أسلحة ومقدرات وأموال القوات المسلحة, فكيف هو حال الشعب؟!!

 

بالتأكيد, من حقه أن يصرخ ويحتج ويئن ويعاتب ويلوم قبل أن يتخذ أنينه واحتجاجه مساراً أرقى وأقوى ليردد مع رئيسه المنتخب: كفاية... لا تركنوا على قانون الحصانة. لقد مللنا تقارير بن عمر وتهديدات السفراء وتدليل المجتمع الدولي لمعارضة الخراب والفوضى".