حشرجة أخيرة

اسمك أثقل منك، ومجبرٌ أنت على حمله بصبر.

احترام يتوجب عليك إبقاؤه نظيفاً لامعاً مصقولاً أعلى الصفحة، أعلى العمود في مقامه اللائق. ليس مهماً سقوطك في البؤس الملازم، وتخبطك في المعاناة المديدة، مادام اسمك عالياً مرفوعاً منظوراً إليه كما يريده محبوه.

سُرقت حياتك وأنت تتفانى في حراسة اسمك الباذخ، متغافلاً عما يسرقه منك.

يا لهزالك كم التهمك الاسم الثخين!.

ينفصل الاسم عن المسمى.

يضيء الاسم وينطفئ القلب.

يعيش وتموت.

يصير قيداً يفرض عليك تقاليد شهرته الصارمة، يفرض عليك

أن تكون جديراً به، أن يكون سلوكك تجلياً للمعانِه وصيتِه المصقول.

مشكلتك أنك ظللت تسحب كل الهواء الذي تحتاجه حياتك من أجل النفخ في اسمك المنفصل عنك، عشت في حالة تواطؤ قسرية، مغذياً خيانة اسمك لوجودك المتعيّن.

 لقد طار بعيداً عنك، تمدّدَ على حساب كينونتك الضامرة، صار أكبر مما تحتمل، لم يعد يشبهك.

والحقيقة الأقسى أنه لم يعد، أنت صرت خادمه الرّث، تابعه المتعب، سادنه الأكثر كفراً بكراماته المتوهمة.

 هل يمكن أن تكون الكتابة ممارسة عقابية لذات الكاتب، عملاً تدميرياً منمقاً لوجوده، رفضاً استعراضياً زائفاً من مذعن صميم.

هل كانت العزلة اختيارك أم انهيارك؟ هل كانت منتهى سخريتك في مواجهة السخريات القاهرة، أم استسلامك التهكمي الأخير وخضوعك النهائي للعقوبة الهازلة؟

 أهو ثمن غيريّتك، حيث تفوّت العين اللامة للوجود ذاتها على الدوام فتغدو غير منظورة، غير مرئية تختفي وتتلاشى حتى يتساوى حضورها والغياب؟.

أيها المؤجّل والمرحّل والمغيّب هَأَنْتَذا يتقدمّك اسمك في الموكب الأخير الضاجّ بالحشد، هَأَنْتَذا يحملك الموت بأكثر مما حملتك الحياة.

هَأَنْتَذا مشيعاً بأسى فقير من جموع تدّعي الحزن لرحيلك الفاجع، أنت المفجوع الكبير.

بك وبهم وبحياة لم تعشها إلا مغادراً ومغدوراً مُذْ كنت.

هَأَنْتَذا مطموراً بتراب شهرتك الفقيرة ترقد بغير سلام.

مقالات الكاتب