تدمير حوثي للإقتصاد يقذف بـ5 ملايين عامل إلى رصيف البطالة

المدنية/خليل المليكي/26سبتمبر:

احتفل اليمن بعيد العمال في ظل انتهاكات مليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، بحق الحركة العمالية والاقتصاد اليمني الذي أتت عليه الحرب والتهمته ليشهد انتكاسة حقيقية.

"صنعاء تحتضر، وناسها يموتون ببطء"، بهذه الكلمات أفصح صحافي يمني عن معاناة سكان العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين الانقلابية، مؤكدًا- في منشور له بصفحته على فيسبوك- أن الجميع يشتكي، ولم يعد يفرق الحال بين رجل الأعمال وعمال الأجر اليومي، فالمعاناة باتت واحدة، والهمّ أضحى مشتركا.

وأكد اقتصاديون أن الاحتفاء يأتي والاقتصاد مدمر والعمالة تعاني الفقر والجوع، بعد أن أغلق الحوثي أبواب الرزق في وجه العمالة اليمنية، جراء تدمير المصانع والمؤسسات الإنتاجية التي كانت توفر فرص العمل لعمال اليمن البالغ عددهم ما يزيد عن 5 ملايين عامل قبل انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة واستيلائها على مؤسسات القطاع العام، وإشعال الحرب التي دمرت الاقتصاد الوطني ومؤسساته، وتسريح أكثر من خمسة ملايين عامل، وأجبر رأس المال الوطني على مغادرة اليمن والتوجه للاستثمار في الخارج، وبذلك أحال كل هذه الملايين من العمال إلى رصيف البطالة، ولم يتوقف الأمر عند هذا وإنما ذهبت المليشيا الحوثية إلى نهب صناديق التأمينات التقاعدية لهؤلاء العمال.

التحذيرات الأممية

وتوالت التحذيرات الأممية من انزلاق اليمن نحو المجاعة بفعل استمرار الحرب التي تشهدها جراء الانقلاب الحوثي على الدولة، خصوصا في ظل انقطاع الرواتب، ونهب المليشيا الحوثية للمساعدات الإنسانية، والتي وصفها تقرير فريق الخبراء في مجلس الأمن الدولي “بأنهم يسرقون اللقمة من أفواه الجائعين”.

وكرر برنامج الغذاء العالمي تحذيراته من انزلاق اليمن نحو المجاعة، مؤكداً أن أكثر من 5 ملايين شخص معرضون لخطر المجاعة في بلد لا يزال يشكل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وذلك مع مواجهة أكثر من نصف السكان لجوع حاد، و5 ملايين معرضين لخطر المجاعة، و2.3 مليون معرضون لخطر سوء التغذية.

وحسب التقرير، فإن الاستهلاك الغذائي غير الكافي، وهو أحد مقاييس الجوع التي يتتبعها البرنامج، آخذ في الارتفاع، مما يعكس مدى أهمية المساعدة الغذائية للأسر، ومدى عدم استقرار حالة الأمن الغذائي، مؤكدا أن سبع سنوات من الصراع لم تظهر أي علامة على انحسار الجوع، مع استمرار القتال في تشريد عشرات الآلاف، وتعطيل وصول الملايين من الأشخاص إلى الغذاء.

اتحاد العمال

أكد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن في بيان مطول بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، أكد أن الطبقة العاملة في البلاد، تعيش ظروفا معيشية صعبة، داعيا كل العاملين إلى مواجهة من سلبوا حقوقهم ممن سمتهم “قوى الظلم والاستبداد”.

وقال الاتحاد: يأتي الأول من مايو المجيد، هذا العام وشعبنا اليمني المناضل وطبقته العاملة تعيش ظروفاً وواقعاً معيشياً صعباً، ويواجه تحديات كبيرة وأوضاع اقتصادية واجتماعية في غاية الصعوبة، والتعقيد ويأتي في مقدمتها توقف المرتبات وفقدان قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، بالإضافة إلى ارتفاع مهول في معدلات البطالة.

وأكد أن ما حدث في صنعاء من فاجعة كبيرة في أواخر شهر رمضان المبارك- في إشارة إلى مذبحة فقراء صنعاء والتي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق المعوزين الباحثين عن صدقات التجار وفاعلي الخير من رجال الأعمال الميسورين، والتي راح ضحيتها أكثر من 400 قتيل ومصاب- ما هو إلا دليل قاطع على تدهور الوضع المعيشي للشعب اليمني بكل فئاته الاجتماعية.

الحال في القطاع الخاص

أغلقت مليشيا الحوثي، الاثنين، شركة تابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم التجارية والصناعية في صنعاء كبرى المجموعات التجارية والصناعية على المستوى الوطني والإقليمي في ظل استمرار حملات التضييق على رأس المال الوطني وبقايا المؤسسات التجارية والتجار وفرض الجبايات الباهظة عليهم تحت مسميات ومناسبات عدة، كذكرى يوم استشهاد الحسين، وأخرى بيوم الشهيد، وثالثة بيوم الولاية، إلى آخر الخرافات والمعتقدات التي تروج لها المليشيا الحوثية الكهنوتية في أوساط المجتمع اليمني.

ويقول مكتب التجارة والصناعة بالعاصمة المحتلة من قبل مليشيا إيران الحوثية، إن عددًا من عناصر المليشيا من مديرية الوحدة في أمانة العاصمة أغلقوا مقر شركة نادفود لصناعة الألبان (حليب، وزبادي) الرئيسي، كإجراءات تعسفية وتضيق على التجار لنهب أموالهم واحتكار التجارة عليهم، وبذلك تكون المليشيا قد منعت آخر غذاء باق للفقراء في اليمن. وقالت المليشيا إن سبب الإغلاق يأتي تنفيذ لأوامر قيادة وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرتها.

ويقول أحد التجار، إن مليشيا الحوثي عمدت منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة إلى الترويج إعلاميًا لقرارات وإجراءات تقول إنها لصالح المواطن والتجار، في حين أنها تمارس بحقهم أبشع صور الابتزاز المالي، وتفرض عليهم إتاوات كبيرة تحت مسميات مختلفة طوال العام وفق أجندة ومصالح قيادات حوثية نافذة.

وسبق أن قالت الغرفة التجارية في صنعاء، إن المخاطر ترتفع أكثر في طريق البيوت التجارية العريقة، والشركات العائلية، وسط تحذير من مخاطر الإفلاس التي تواجه تلك الشركات، وهو ما اعتبره مراقبون ناجما عن عمليات وإجراءات تعسفية وممنهجة اتخذتها مليشيا الحوثي بغرض السيطرة على القطاع الخاص واستبدال تلك الشركات العريقة بشركات مملوكة لقيادات حوثية.

وأشارت الغرفة في نشرتها الدورية عن شهر يناير الماضي، إلى أن ثلاث شركات من كبريات الشركات العائلية شرعت في إجراءات التجزئة والتقسيم بين الورثة والمساهمين فيها.

كما شكلت الغرفة التجارية بأمانة العاصمة لجنة قانونية وبدعم من كبار البيوت التجارية للدفاع عن القطاع الخاص أمام الهجمات الحوثية بما فيها سياسة تقويض أسس السوق الاقتصادية القائمة على السوق الحر، ومنافسة العرض والطلب.

وكانت مؤسسة برتلسمان الألمانية، قد أكدت أن الأعمال التجارية في اليمن، أكثر صعوبة من أي وقت مضى، مرجعة ذلك إلى أن تراخيص الاستيراد والتصدير والعملات الأجنبية، تُمنح فقط لمؤيدي مليشيا الحوثي، مما يمنح بعض الشركات التجارية التابعة لمليشيا الحوثي فرصة للسيطرة على السوق.

نهب شركات الصرافة

ولم تتوقف مليشيا الحوثي عند نهب أموال اليمنيين، وتعميق الأزمة الإنسانية المتفاقمة أساسا، بل أنها ذهبت إلى تضييق الخناق وإنهاء أي بصيص لفرصة محتملة هنا أو هناك لعامل ما. ووصل الحال إلى احتكار كل شيء لنفسها في مناطق سيطرتها بما في ذلك التدخل في عمل شركات الصرافة وفرض عليها إتاوات كبيرة تخرجها من السوق بالإفلاس لتحل محلها وعناصرها محل موظفي تلك الشركات وعمالها.

وتعمل في السوق المحلية (38) شبكة لتحويل الأموال، (22) منها تتبع شركات الصرافة العاملة في المناطق المحررة، و(16) شبكة تحويل مقراتها في صنعاء، وتعمل في كافة المحافظات اليمنية.

ووفقاً للبيانات الرسمية، قُدّر عدد مكاتب وشركات الصرافة بأكثر من (1350) مكتباً وشركة، منها (800) بدون تراخيص عام 2017، مقارنة بـ (606) عام 2014.

كما يؤكد خبراء اقتصاديون أنّ الإجراءات التي تتخذها مليشيا الحوثي تهدف إلى نهب مزيد من الأموال تحت مُسمّى ضمان نقدي، والذي لا يرد ولا يدخل تحت بند ضمان الودائع، كون القانون لا يخول لشركات الصرافة تلقي ودائع العملاء.