قرية العيدروس في عدن ورحلة البحث عن الماء

المدنية أونلاين/ثريا طاهر:

"كأننا نسكن قرية!!" بهذه الكلمات ردت "أم علي" عندما سألناها عن مدى توفر المياه في حارتها موضحة بذلك حجم المشقة التي ترافق يومها في البحث عن الماء..

تروي لنا "أم علي" القاطنة في منطقة شعب العيدروس في مديرية كريتر "صيرة" بعدن عن مشقة الحصول على الماء في تلك المنطقة, فقد عانت الكثير من الأسر في تلك المنطقة وكثير من المناطق المختلفة في عدن من مشكلة المياه والتي تعد أكثر الاحتياجات الأساسية أهمية لدى المواطن.

افتتحت "أم علي" حديثها لـصحيفة "منارة عدن" بتهنيده متعبة تكفيك لتعرف مدى التعب الذي يرافق رحلة البحث عن الماء في يومها وقالت: "نحن نعاني من مشكلة المياه منذ فترة طويلة جدا كأننا نسكن قرية.

وأضافت: "عند صعودك إلى منطقة شعب العيدروس سترين أكشاك بشكل ملحوظ, هذه الأكشاك لم توجد من أجل البيع والشراء حتى وإن كان بعضها يستخدم لبيع "التنبل" فالهدف الرئيسي من وجودها إخفاء ركائز تمتد منها أنابيب طويلة للجبل متصلة بمضخات لدفع الماء إلى بعض البيوت".

أوقفتها غصة عن الحديث ثم تابعت حديثها بحزن قائلة: "من يستطيع أن يقوم بعمل مضخة وأنابيب ويتكفل بمولد كهربائي هؤلاء فقط من أستطيع القول أنهم بخير ومن لا يملك ولا يستطيع عمل ذلك لا حل أمامه سوى انتظار فرج من الله".

بوز الماء النقدية سبيل من استطاع إليه سبيلا

وتذكر في حديثها عن تفاقم مشكلة المياه في العيد الماضي بقولها "في العيد استمر انقطاع الماء عنا لأكثر من أسبوع, لم نرى الماء خلال هذه الفترة ولكنا استمرينا بالنظر إلى "بوز" الماء النقدية التي أصبحت سبيل من استطاع إليها سبيلا، لكن هذا السبيل يعد طريق ليس بسهل على من لا يتعدى راتبه الـ60 ألف ريال يمني.., فهذا الراتب يعد دخل أغلبية السكان ومنهم زوجي فهناك متطلبات أشد فلا يمكن أن نصرف الراتب ببوز الماء فقط ، ولهذا لا سبيل لنا سوى التعايش مع هذا الوضع".

عربة المياه المجانية

بعدها أكملت قائلة: "هناك الكثير ممن ينتظرون قدوم عربة نقل المياه المجانية، غالبا ما تحدث عليها نزاعات، وفي النزاع دائما ما ينتصر القوي، كما أن المحاباة تدخل في توزيع المياه المجانية، نحن شخصيا لم نعبي سوى مرة واحدة منها".

وتذكر في حديثها "أن أحدا تكفل بجلب بوزة ماء كبيرة، الغريب بالأمر أنها كانت مضخة فك مياه الصرف الصحي، كثير ما يلجأون إليها بعد أن انسدت كل الطرق أمامهم، كما يقال أنها ليست ملوثة ولا يوجد بها مجاري، قمت بالتعبئة لمرة واحدة لكني لم أستطع استخدامه سوى في التنظيف خشية أن يصاب أطفالي بمرض".

الماء لا يأتي بحضرة الكهرباء

وتتحدث عن الوقت الذي يتوفر في الماء في منطقتهم في حديثها وتقول: "دائما ما يأتي الماء متأخر- فجرا غالبا- إذا كانت الكهرباء غير موجودة فما إذا وجدت انعدم الماء، في هذه الأربع الساعات كم منزل سيحظى بالماء؟، فكل منزل يملك عدة توانك سعة "التانكي" الواحد 1000أو  2000 مع العلم أن الماء يأتي ضعيفا جدا".

وتقول "في إحدى المرات بقيت واقفة أمام النافذة من الساعة الـ1حتى الساعة الـ 6 إلى حين عادت الكهرباء أنتظر من أجل ملئ الخزان ومع ذلك لم أستطع أن أحصل سوى على القليل من الماء".

وتضيف وهي ضاحكة رغم حزنها: " أصبحنا لا نرغب بعودة الكهرباء كي نستطيع الحصول على الماء، نصبر ونتحمل حرارة الجو ولكنا لا نستطيع البقاء بدون الماء, فأحيانا كثيرة أضطر للذهاب إلى إحدى أخواتي إذا ما تأزم الأمر أكثر، والكثير من النساء والأطفال يخرجون لتعبية وحمل الماء على ظهورهم لصعوبة صعوده إلى الجبل حيث منازلهم".

الحمير للإيجار في العيدروس

وتابعت "أصبحت المعاناة أكبر وتفاقمت المشكلة كثيرا بدون وجود حل لها، انتشرت الحمير وأصبحت تستخدم لنقل الماء كما أصبحت تجارة مربحة للكثير حيث أن الحملة الواحدة بـ 500 ريال".

وتقول أيضا: "للأسف الانتشار الكبير لظاهرة وجود الحمير سبب إزعاج كبير للأطفال لا يستطيعون الخروج كالمعتاد، في إحدى المرات كان هناك رجل مار في الشارع قام حمار بركله فمات الرجل ولم يستطع أحد إنقاذه، قام أبناء الحي بعمل الكثير من المظاهرات ولكن دون جدوى للأسف ليس هناك أذن صاغية".

ينتهي حوارنا مع "أم علي" لكن لا تنتهي معاناتها ومعناة المواطنين في منطقة العيدروس والمناطق الأخرى التي تعاني من شحة المياه في عدن, فهناك الكثير من القصص المشابهة لقصة "أم علي" في شعب العيدروس وغيرها من المناطق في عدن ولكن ترى هل لتلك المعاناة نهاية أم أن ذلك بعيد وهل سيكون هناك حلول واستجابة وأذن صاغية ؟!