"عمار" القادم من الريف.. قصة معاناة طالب جامعي بعدن قاده طموحه إلى النجاح

المدنية أونلاين/عمر محمد حسن/خاص:

من رابية جبل العروس بمديرية صبر منارة الحالمة تعز دلف الطالب عمار عبدالواسع خطواته المُثقلة بالهموم قبل أربعة أعوام سالك طريقه صوب مدينة عدن للدراسة. 

كان الشاب اليافع عمار يسعى نحو حلمه الأزلي المتمثل بمواصلة دراسة الجامعية في الصحافة والإعلام بعدن لكن هذا الحلم محفوف بمخاطر الفشل كونه يسير عكس تيار عمار نفسه فليس بمقدوره الدراسة والتغلب على تكاليفها من سكن ومصاريف واكل وملابس وكتب. 

تمكن عمار وهو الريفي الخجول من التسجيل في العام 2016 بكلية الآداب تخصص إعلام وحاز على درجة مشرفة بإختبارات القبول حينها مما أعطاه أمل هزيمة المستحيل فشرع في الدراسة وقادته خطاه إلى قبلته في خور مكسر،  وبدأ بذلك حياته الجامعية والبسمة تملئ شدقه. 

بالرغم من أن عمار إجتاز الكثير إلا أن السكن كانت مصيبته فلا فرو يدثره ولا خيمة تأويه، كان عمال يعرفهم يسكنون "عُزبة" فمكث غير بعيد منهم لكنهم كانوا عمالًا يختلفون وإهتماماته، لم يستطيع القراءة كون المكان غير مهيئة للقراءة فضلًا عن سكن طلابًا كما هو الحال لعمار.
 
كان حريًا بعمار البحث على سكن أخر يأوي إليه بما يعيد لخاتمه اللازورد ولوجه إبتسامته التائهة، ربت عمار إذن على كل المناكب أملًا بالفوز بسكن أخر، لكن البحث عن سكنًا في مدينة أخرى كالبحث عن إبرة في كومة من القش،  إلا أن إصراره كان جبارًا فأرشده أحدهم إلى المعهد التجاري بحي أكتوبر على مرمى حجر من كلية الآداب. 

ما إن حط رحال طموحه بإجاد سكن،  أخبره "أريقط" أن لا سكن لمن لا يدرس في المجال التقني،  فأوجس منه خيفة إلا أنه إختارها عن مضض نزولًا عند رغبته والمعهد وبحسب عمار نفسهفمن أجل الولوج إلى السكن الذي يُدرس الهندسة في مساقها التقني عامين بعد الثانوية أضحى طالبًا في المعهد لكنه لم يفرط في دراسته الجامعية بكلية الآداب. 

 ظل عمار يكابد قسوة الحياة، لأن الدراسة تأكل المال كما تأكل النار الحطب بحسب دارسين لـ"المدنية أونلاين" إلا أن عمار وفاقته وعدم وجود عمود فقري في ظهر أسرته يسنده بالمال ويرفده، عمل "عمار" إلى جانب الدراسة في بيع الحلوى ومحلات تجارية أخرى كي يدخر ما يجود به العمل من مال يعينه في دراسته وبلغ منتهى الامل المحفوف بالشوك المُعبد ممشاه. 

قال "عمار" أنه وخلال دراسته ذات الأربع السنوات العجاف أنه بلغ به الحال أحيانًا بالاقتصار على وجبتين في اليوم،  ومع هذا لم يتسلل اليأس إلى قلبه  الأخضر وقاتل مرارة الحياة وحيدًا بالتزامن مع ما تعيشه البلاد من حرب تدخل عامها السادس ناهيك عن غلاء فاحش وإنهيار للعملة الوطنية. 

وجد "عمار" حفل تخرجه لمرحلة البكلاريوس بمساق الإذاعة والتلفزيون بقسم الإعلام بكلية الآداب بعدن منصة لسرد تلك الأوجاع الممهورة بتجويد الملالاة التعزية التي تخللت التقرير التلفزيوني والذي حمل عنوان "قادم من الريف" أنجزه بمعية طلابًا أخرين: خالد المجزري وأويس هزاع وعبدالله حسن. 

من جانبه، وصف رئيس قسم الصحافة والإعلام الدكتور "محمد علي ناصر" المشروع بالمتألق إلى جانب إختيار الفكرة، فيما "كان العملًا متميزاً"، هكذا قالها مُشرف المشروع الدكتور "علي باقطيان"، والذي سرد معاناة الطلاب القادمين من الأرياف. 

هذا ويدرس ما يربؤ على 30 ألف طالب في مختلف كليات جامعات عدن يتخللها الكثير من الطلاب الوافدين من الأرياف والمحافظات اليمنية المختلفة،  فيما أضحى قسم الصحافة والإعلام بأقسامه الثلاثة: "إذاعة وتلفزيون،  علاقات عامة،  صحافة" منذ إنشاءه قبل 20 عامًا بجامعة عدن قِبلة للكثير من الطلاب اليمنيين.