بن عديو يعيد شبوة للواجهة بعد سنوات من التهميش والحرمان ( تقرير)

المدنية أونلاين/خاص:

بدأ ظهور اسم محافظة شبوة بشكل لافت في وسائل الإعلام مع بداية الحرب حين دخلت مليشيا الحوثي إلى محافظة شبوة مطلع 2015 وسيطرتها وتوغلها إلى مركز المحافظة عتق ثم طرد المليشيا منها بعد أشهر قليلة من ذات العام من مركز المحافظة، واندلاع القتال في المديريات المحاذية لمأرب والبيضاء واستمرت أخبارها العسكرية حتى تحرير بيحان نهاية 2017.

كانت الأخبار تقتصر على الجبهات فقط، وفي منتصف 2016 كان هناك أخبار أخرى عن شبوة عن تحركات النخبة الشبوانية والسيطرة الإماراتية، واقترن ذكر النخبة بالأطماع الإماراتية ومساعي السيطرة على المحافظة.

رغم أن المحافظة تضم أكبر منشأة غازية في المنطقة برمتها وهي منشأة بلحاف لتصدير الغاز المسال، وبلغت قيمة المشروع فيها عام 2004 أكثر من أربعة مليارات دولار إلا أنها كانت خارج التنمية وخارج المشروع تماما بفعل الدور الإماراتي المعطل الذي حول المنشأة لقاعدة عسكرية؛ ليعتمد بذلك المحافظ بن عديو لتمويل مشاريع التنمية في المحافظة على الإيرادات وحصة النفط وكذا الدعم الرئاسي.

محطات تاريخية

تعاقب على شبوة بعد استشهاد باحاج ثلاثة محافظين أحمد حامد لملس أمين عام الانتقالي حاليا حتى منتصف 2017، ثم على الحارثي حتى نهاية 2018م، وأتى في 26 نوفمبر2018 محافظها القوي محمد صالح بن عديو، وفي عهد الأخير صارت أولى المحافظات من حيث تصدر الأخبار ولكن من  باب البناء والتنمية على عكس صنعاء تعز وعدن التي تتصدر من حيث الإشكالات والاختلالات والصراعات.

وخلال سنتين فقط تحولت عتق من شبه مدينة تنام عند مغرب الشمس إلى مدينة تشهد انتعاشا اقتصاديا وحركة تنموية غابت لدى باقي المحافظات المحررة، بفضل ما تعيشه من حالة استقرار أمني خصوصا بعد تسلم إدارة الأمن والقوات الحكومية زمام المسؤولية عقب خروج قوات ما تعرف بالنخبة الشبوانية بعد معارك أغسطس من العام ٢٠١٩.

ما بين نوفمبر 2018 ونوفمبر 2020 صارت شبوة ثاني أهم محافظة يمنية بعد مأرب، تفوقت المحافظتان فعليا على تعز وعدن، حيث صنعاء العاصمة كانت قد سبقت تعز وعدن في الخروج من مدن اليمنيين الجامعة قبل ست سنوات.

كانت النزاهة الشخصية والصفات الأخلاقية والإرادة ونضوج المشروع لمحافظها الشاب محمد صالح بن عديو نقطة مهمة في تحول المحافظة ومركزها عتق نقطة توحد المحافظة وفئاتها خلفه فبدأت التنمية على مستوى كل القطاعات.

وارتكز بن عديو في الانتقال بعتق من شبه مدينة محدودة السكان  إلى مدينة تحتضن كل اليمنيين إلى استثمار 20% من حصة النفط الذي تصدره حقول المحافظة، كان هذا المبلغ الزهيد على ضآلته نقطة التحول بوجود الأمانة المعقولة التي تنجز المشاريع، فبدأت عجلة التحول لتكون بذلك أنموذجا يشاد به.

رصف بن عديو خلال سنتيه الأولى في الحكم قيم النزاهة والأمان في عتق فهب الاستثمار وانتعش سوق العقار وبدأ تخطيط مخططات حضارية للمدن الجديدة في عتق وفي محيطها وأهم أركان المدن وشواهدها ومؤشراتها تكمن في قياس الحركة التجارية والاستثمارية والإقبال عليها.

ويقول رجل الأعمال أحمد هادي القميشي مدير شركة شبوة برايد الذي يعمل حاليا على إنجاز أكبر المشاريع الاستثمارية بالمحافظة وهو مشروع منتجع قنا كأول منتجع سياحي من نوعه على ساحل بحر العرب بتكلفة بلغت مليونين و 700 الف دولار امريكي؛ إن ما شجعه على الاستثمار في شبوة هو وجود قيادة السلطة المحلية المتمثلة بالمحافظ محمد صالح بن عديو المتفهمة لحاجة المواطن والمستثمر وكذا حالة الاستقرار الأمني بالمحافظة ما جعل المستثمر يأمن على أمواله واستثماره.

ويضيف القميشي أن محافظة شبوة مثل غيرها من المحافظات المحرومة من الاستثمار في العهود السابقة؛ وبفضل جهود المحافظ محمد صالح بن عديو وجد المستثمر أرضا خصبة ليستثمر فيها امواله.

وعند حديث رجل الأعمال القميشي أن تقول الأمن مستبب فهذا يعني أن كبار القادة العسكريين والأمنيين لا يتدخلون في المشاريع الاستثمارية على الإطلاق، فوظيفتهم هي الحماية والتأمين، فيما كانت المعادلة سابقا تقوم على التأمين مقابل الشراكة بنسبة في المشروع، كما هو حاصل في محافظات أخرى.

ودعا القميشي في سياق حديثه عن عوامل النهضة رجال الأعمال والمستثمرين من أبناء شبوة خاصة واليمن عامة أن يتوجهوا باستثماراتهم نحو محافظة شبوة فهي ما تزال أرضا بكر وفيها ما يشجع على الاستثمار ليكون بذلك الجميع رابحا ومستفيدا.

من جهته يشير مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة شبوة فهد الكويلي إلى أن المكتب أصدر العام الجاري خمسة تراخيص لإنشاء مصانع بينها مصنع اسمنت وزجاج وبلاستيك.

ويؤكد تعاون مكتب الصناعة والتجارة الكامل مع المستثمرين والشركات التجارية وتقديم كل التسهيلات لإقامة استثماراتهم تنفيذا لتوجيهات المحافظ محمد صالح بن عديو الساعي لجعل المحافظة ورشة عمل للمستثمرين لما فيه صالح المحافظة.

الطرقات

لا تقوم المدن والتجارة بدون طرق، الأمن والنزاهة لا تكفي لجلب التجار، الأسواق تحتاج طرقا سريعة، خلال سنتين شقت قيادة المحافظة من حصة النفط ومن الصناديق الإيرادية قرابة ٣٠٠ كيلو وهو رقم كبير في فترة قصيرة.

ويجري العمل حاليا على صيانة طريق العبر والعمل على طريق حطيب مودية وطريق عتق حرشفان وتم إنجاز الخط الدائري وتوسعة المدخل الشمالي والغربي والجنوبي لعتق وعمل بوابات فضلا عن صيانة المظهر الجمالي من خلال الجزر ما بين الطرقات والتشجير والإضاءة -كما يقول مدير مديرية عتق الشيخ علي عامر الخليفي-.

للمقارنة فقط، فشلت قيادة السلطة المحلية بمحافظة تعز على مدى ثلاث سنوات في إعادة ترميم طريق جبلي وحيد لا يتجاوز طوله 9 كيلو مترات رغم تمويل بمليارات الريالات وتعاقب ثلاث حكومات والرابع على الأبواب، ولم يشق فيها أو يعاد ترميم كيلو متر واحد، وحال العاصمة المؤقتة عدن لا يختلف عنها كثيرا فلم تشهد سوى إعادة ترميم طرق سابقة وجزء من تلك المشاريع جاء بتمويل من منظمات دولية.

الازدهار مترابط

تطور حركة السوق والتجارة المرتبط بكفاءة السلطات المحلية والأمنية وقدرتها على إنجاز الطرقات وتكوين الأسواق وجلب الاستثمار حرك المياه الراكدة في المدينة العتيقة، وبدأ الماء الآسن ينضب والمياه النظيفة تجري، فتنظفت شوارع المدينة ولم يعد عمال النظافة يتظاهرون لصرف مستحقاتهم المنهوبة فهي تأتي بانتظام، ولم يعد جمعية للفاسدين العاطلين عن العمل الذين كانوا يتسلمون مرتبات حتى من صندوق النظافة بحسب تأكيد مدير عام مديرية عتق الشيخ علي عامر الخليفي.

جلبت التنمية مصالح الجميع، ولم يتضرر منها إلا من ألفوا على الدخل غير المشروع دون عمل استنادا إلى علاقة قرابة أو قوة أو ما شابه، فانسابت أموال إلى الإيرادات إلى حساباتها وتراكمت كمياتها وارتفعت الإيرادات إلى أكثر من 72 مليون ريال موجهة لمشاريع التنمية خلال أشهر قليلة في مديرية عتق وحدها.

الصورة الجمالية المعبر عنها فيما سبق ليست كل شيء، ثمة معضلات حقيقة قد تذهب بكل شيء سدى، مثلا الكهرباء هي ركن أساسي للتنمية وبينما كانت شبوة منذ 2009 مصدرا للطاقة بملايين الأطنان المكعبة من الغاز فإنها ظلت بلا طاقة كهربائية للنمو، يقول مدير مديرية عتق إن مشاريع ممولة من إيرادات محلية اتجهت نحو الطاقة الكهربائية، لكنها بملامح إسعافية وليست استثمارية مثل شراء المولدات والمحطات الصغيرة، ورغم الحسم السريع لمحافظ شبوة مع شركة السعدي للطاقة الكهربائية التي حاولت ابتزاز السلطة المحلية بديون هائلة فإن التحدي مازال ماثلا.

ويقول الشيخ علي عامر الخليفي مدير مديرية عتق: ستشهد الفترة القادمة حل مشاكل الكهرباء والمياه خصوصا بعد توقيع عقد المحطة الغازية التي ستولد ٦٠ ميجا إضافة للإجراءات الجارية مع شركة الغاز المسال في بلحاف على أن يتم تغطية احتجاجات المديريات الجنوبية من الكهرباء.

الشيخ الخليفي يشير إلى أن استتباب الأمن بالمحافظة جعل المستثمرين يتجهون نحو فتح مشاريع استثمارية لهم بالمحافظة سواء بمجال الأعمار وظهور وحدات سكنية وأخرى قيد الانشاء وكذا مصانع صغيرة؛ معتبرا ما حصل ويحصل من مضايقات للمستثمرين في المحافظات الأخرى مسهما في جعل المحافظة محط جذب المستثمرين.

بدوره يقول المهندس جمال بساره وهو صاحب أحد المكاتب العقارية بشبوة إن أسعار الأراضي في عتق ارتفعت بشكل كبير منذ نحو عام أو تزيد قليل ولم تقتصر الزيادة على الأراضي الموجودة بداخل مدينة عتق بل وصلت للمخططات في ضواحي المدينة وخارجها.

ويضيف أن هناك مخططات جديدة بدا البيع فيها وهناك إقبال كبير ليش فقط من أبناء شبوة بل ومن خارجها وهذا ما لم يكن معهودا من قبل.

ويشير إلى وجود مخططات جديدة يتم ترتيبها من الجانب الحكومي خارج مدينة عتق وهذه بطبيعة الحال أثرت على اسعار الأراضي وأسهمت في تخفيضها نسبيا.

وتحدث المهندس جمال عن وجود هجرة كبيرة من الارياف باتجاه مدينة عتق وضواحيها وترافقت مع حركة توسع عمرانية لم تشهدها المحافظة طيلة تاريخها بفضل ما تشهده من أمن واستقرار وتنمية.