كورونا يفتك بآلاف الأرواح ويفاقم مأساة اليمنيين (تقرير)

المدنية أونلاين/محمد علي محسن:

وكأنَّ اليمن ينقصه وباء جائحة فيروس كوفيد-19 المستجد، فبعد 6 أعوامًا من الحرب وما خلفته من ضحايا بشرية قدرتها الأمم المتحدة بـ 233 الف ضحية، ها هو الموت الصامت يحصد الآف الأرواح وبلا رحمة أو حيلة أو بصيرة تقي اليمنيين شر هذا الطاعون.

ففي اليمن أخذ الفيروس يتسلل وينفذ ويتضخَّم يومًا عن يوم ودونما أكتراث أو إدراك بخطره على حياة اليمنيين، باعتباره شرًا قاتلًا ما لبثت دول العالم مستنفرة قواها في محاولة منها لوقف جبروته وقرابينه.

واعلنت اللجنة الوطنية العليا للطوارئ لمواجهة فيروس كورونا المستجد في المحافظات اليمنية المحررة، أن الإجمالي التراكمي للحالات المشتبهة المسجلة خلال الفترة المنصرمة بلغ ١٣٦٢٨ حالة، والمؤكدة ٥٠٤٧ حالة، والوفيات ٩٨٦ حالة، وتعافي ١٨٨٦ حالة من الفيروس.

وسجلت ١٦٦ حالة جديدة مؤكدة خلال يومي الثلاثاء والأربعاء، و ٣١ حالة وفاة، مبينة في تقريرها لذات اليومين الإبلاغ عن ٢٤٣ حالة جديدة مشتبهة بإصابتها بالفيروس.

وأشارت إلى أن هذه الحالات الواصلة إلى المرافق الصحية توزعت على محافظات : تعز ٦٦ حالة، شبوة ٥٦ حالة، الضالع ٥٦ حالة، عدن ٥٤ حالة، لحج ٣٩ حالة، حضرموت ٢٨ حالة، أبين ٧ حالات، المهرة ٣ حالات.

ولا تشمل هذه الحصيلة إصابات المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إذ مازالت الارقام مجهولة نظرا لغياب الشفافية في التعاطي مع الجائحة، فمنذ اعلان الحوثيون يوم ١٨ مايو من العام المنصرم بتسجيل ٤ إصابات، لا توجد أي تقارير رسمية تشير لعدد الحالات المرضية أو المتوفية.

كورونا يفتك بـ 77 طبيبًا

وارتفعت حصيلة الأطباء الضحايا في اليمن جراء فيروس كورونا إلى ٧٧ حالة وفاة، منذ بدء تفشي الوباء في البلاد في أبريل/ نيسان 2020.

وأعلن أمس الأول، عن وفاة أكاديمي واستشاري أمراض القلب، في مدينة عدن، الدكتور أبوبكر عبدالله الزبيدي استشاري القلب والقسطرة.. وقالت مصادر طبية بوفاة “الزبيدي” بعد معاناة مع مرض الحُمَّيات الذي انتشر خلال الأسابيع القليلة الماضية في عدّة مناطق بمحافظات عدن، حضرموت، لحج، والضالع.

وشهدت محافظات يمنية عدة، موجة وبائية مشابهة لأمراض الحُمَّيات، وحصدت أرواح المئات من الأطباء والمسؤولين والمواطنين والعسكريين.

وبرغم الجدل الدائر بين الأهالي حول تشخيص أسبابها واعراضها، إلَّا أن أغلب المختصين يؤكدون أن تلك الحمَّيات المنتشرة في أكثر من بلدة تُعد امتدادًا لفيروس كورونا المستجد.

وتوفى استشاري التخدير والعناية المركزة ومدير مركز العزل العلاجي لفيروس كورونا بهيئة مستشفى سيئون، الدكتور حسين عباس العيدروس.. وقالت مصادر طبية، إن الدكتور العيدروس توفى بعد تعرضه لذبح صدرية، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.

وقبل ذلك بعشرة أيام، توفي رئيس مركز العزل الصحي في هيئة مستشفى الجمهورية في العاصمة المؤقتة عدن، الدكتور محسن بن همام، بعد أيام من إصابته بفيروس كورونا.

وتوفي في وقت سابق الطبيب والمخترع اليمني الشهير خالد نشوان، متأثراً بإصابته بوباء فيروس كورونا المستجد في العاصمة اليمنية صنعاء،  الخاضعة لمليشيات الحوثيين.

ونعت نقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين في بيان لها الدكتور خالد نشوان استشاري الجراحة العامة، الذي وافته المنية الخميس، واصفة إياه بـ"الشهيد" رقم 75 من أعضائها ورموزها الأوفياء، الذين رحلوا في مواجهة جائحة فيروس كورونا.
 
ويُعد نشوان واحداً من أبرز العلماء اليمنيين، وأكثرهم شهرة على المستوى العربي والعالمي، إذ تمكَّن من اختراع جهاز لتوسيع الشرايين المتصلبة دون إجراء عملية أو تدخل جراحي يُعرَف باسم “نشوان باراسوند”، ويعمل على معالجة أمراض الشرايين من خلال إصدار الموجات فوق الصوتية.
 
ولا تقتصر الإصابات على العاملين الصحيين، وانما شملت العديد من مسؤولي الحكومة والسلطة المحلية والقادة العسكريين والمواطنين في المحافظات اليمنية.

وتوفي وكيل محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، الدكتور عبد الحكيم عون، الثلاثاء ٦ ابريل، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا. وكان عون قد أصيب بكورونا قبل نحو أسبوعين واستمر خلال هذه الفترة في الحجر الصحي.

وأصيب بفيروس كورونا المستجد، آلاف اليمنيين، بينهم مسؤولين حكوميين ومحليين وقادة عسكريين، فضلًا عن مئات الحالات غير مسجلة لدى الجهات الصحية الحكومية، إذ أن حالات كثيرة لقت نحبها في مساكنها دونما يتم الإبلاغ عنها أو عرضها على المختصين.

ومواقع التواصل الاجتماعي زخرت خلال الأيام القليلة الماضية بانباء يومية لإعداد الوفيات نتيجة لجائحة كوفيد-19 المستجد.

وبرغم أن الإعلان يقتصر على الشخصيات العامة أو الأقارب، إلَّا أنه يعطي صورة مخيفة لمقدار المعاناة التي يعيشها اليمنيون في ظل الحرب والوباء.

ومع الدور الحيوي الذي تقوم المؤسسات الإنسانية الدولية إلَّا أن غياب الدولة ومؤسساتها الصحية في اليمن، زاد من حدة المأساة، إذ برزت عوامل عدة فاقمت من انتشار الجائحة، في رأسها فقدان السيطرة على الوباء، والاكتفاء بالتعامل مع الحالات الواصلة لمراكز الحجر الصحي، ودون فرض أي قيود من شأنها الحد من رقعة انتشار العدوى.

كما وبرزت أزمة انعدام أو شح الأكسجين في تلك المرافق الصحية المخصصة لاستقبال حالات كورونا، ما ضاعف من عدد الوفيات.

وكشفت منظمة الصحة العالمية عن قرب إجازتها لقاحًا جديدًا مضادًا لفيروس كورونا خلال نيسان الجاري ضمن 4 لقاحات تخضع للاختبارات.

وأعلنت الدكتورة رنا حجة، مديرة إدارة البرامج بالمنظمة في تصريحات صحافية أن 76 في المائة من 576 مليون جرعة تذهب إلى 10 دول فقط.

وأوضحت أن نهاية الجائحة مرهونة بتنفيذ 3 عوامل رئيسية تشمل توفير اللقاح بكميات كافية لجميع بلدان العالم، وتطبيق جوهر العدالة والإنصاف في توزيع الكميات دون ربطها بالقدرات التمويلية، مع الالتزام بكافة إجراءات الصحة العامة من قبل الحكومات والسلطات المعنية، وكافة التدابير الوقائية من قبل أفراد المجتمع حتى مع تلقي اللقاح.

واعتمدت منظمة الصحة العالمية لقاحات " فايزر"  و 'موديرنا " و "أسترازينيكا "و " جونسون آند جونسون " للإستخدام في حالات الطوارئ.

وأشارت إلى أن هناك أربعة لقاحات أخرى في مراحل مختلفة في عملية التقييم، وتأمل أن توافق على واحد منها على الأقل بحلول نهاية نيسان.

وأضافت "بدأت 177 دولة في التطعيم، ولا يزال التوزيع غير متساوٍ إلى حد كبير. فمن أصل 576 مليون جرعة لقاح تم إعطاؤها حتى الآن، ذهبت 76 في المائة منها إلى 10 دول فقط، معظمها من البلدان ذات الدخل المرتفع، فيما نجح نظام (كوفاكس) في توصيل 32 مليون جرعة لقاح إلى 61 بلداً خلال شهر واحد فقط".

دعوة أمريكية

من جهة ثانية، حذر المركز الأمريكي (ACJ) للعدالة، الجمعة الماضية، من أن فيروس كورونا بات يشكل تهديداً كبيراً لحياة الشعب اليمني والنظام الصحي المتعثر.

وقال المركز الأمريكي إن النظام الصحي في اليمن غير قادر على تحديد حالات الإصابة، وعلاجها، وعزلها، وتتبع مخالطيها بالشكل السليم.

وأضاف أنه مالم يتم إعلان لجنة طوارئ محلية بمساعدة دولية وإرسال اللقاحات الكافية لثلاثين مليون يمني فإن رقعة المأساة سوف تزداد يوما بعد آخر ولن تتوقف عند حد.

ودعا الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي للعمل على وقف الاقتتال وتوجيه كافة الطاقات والجهود لمواجهة فيروس كورونا.
 
كما دعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأممية بسرعة اتخاذ التدابير العاجلة التي من شأنها التخفيف من مأساة الشعب اليمني في محنته الكبيرة.
 
وطالب المركز الأمريكي للعدالة الدول المانحة للإيفاء بالتزاماتها تجاه اليمن ليسهل على المعنيين التصدي لجائحة كورونا التي تحصد أرواح اليمنيين دون توقف.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن الجرعات الممنوحة لليمن من لقاح فيروس كورونا، ستوزع مجانًا على الفئات ذات الأولوية.

وأكدت المنظمة في تغريدة على حسابها بموقع تويتر، أن اليمن يتسلم لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد-19 عبر منظومة كوفاكس.

مشيرة الى أن هذا اللقاح يُعد آمناً وتم تجربته مسبقاً وسيتاح مجاناً للفئات ذات الأولوية في المرافق الصحية العامة لإنقاذ الأرواح وحماية المجتمعات من مخاطر كوفيد-19.

أول شحنة لقاحات

وتسلَّم اليمن أول شحنة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وهي عبارة 360 ألف جرعة من لقاح “أسترازينيكا”.

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في بيان على موقعها إن اللقاحات وصلت إلى مدينة عدن، عبر مطار عدن الدولي وهي “الدفعة الأولى من 1,9 مليون جرعة سيحصل عليها اليمن مبدئيًا خلال العام 2021”.

وإلى جانب لقاحات “أسترازينيكا” التي تم شحنها عبر آلية “كوفاكس”، تسلم اليمن أيضًا 13000 صندوق لحفظ اللقاحات و1300000 من الحقن “اللازمة لبدء حملة التطعيم بشكل آمن وفعال”، حسب البيان.

وقال ممثل “اليونيسف” في اليمن فيليب دواميل عقب استلام اللقاحات في عدن: “يمثل وصول الجرعات الأولى للقاح كوفيد-19 لحظات حاسمة في مكافحة الفيروس في اليمن”.

ونبهت منظمة “أطباء بلا حدود” السبت الفائت من الاسبوع الجاري إلى وجود “ارتفاع حاد” في أعداد الإصابات الخطيرة بكوفيد-19 في اليمن، حيث أتت الحرب الدائرة منذ سنوات، على الكثير من المنشآت الصحية.

وقبل نحو أسبوع، دعت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة فيروس كورونا في اليمن الحكومة إلى إعلان “حالة الطوارئ” بعد ارتفاع عدد الإصابات.

وحاليًا يسجل يوميًا نحو مئة إصابة بكورونا، رغم أن اليمن ظلت بمنأى عن الوباء في بداية تفشيه نتيجة انقطاع تواصلها مع بقية الدول.. ويقدر خبراء أن العدد الفعلي للإصابات أعلى بكثير من الأرقام المعلنة بسبب نقص الفحوص.
 
تعداد اليمن يتخطى 30 مليون

وكشفت إحصائية رسمية جديدة أن إجمالي سكان اليمن بلغ (30.411.000)، مشيرة إلى أن المناطق المحررة تضم الكثافة الأكبر من السكان.
 
وقال التقرير الرقمي الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، إن إجمالي سكان اليمن بلغ (30.411.000) وفق الإسقاط السكاني لعام 2020.

وذكر التقرير أن إجمالي السكان الأصل والنازحين الذين يقطنون المحافظات المحررة التابعة للحكومة الشرعية بلغ (14.428.665) نسمة مانسبته 48% من إجمالي السكان.

وبحسب التقرير فإن (14.101.219) بنسبة 46%من إجمالي عدد السكان يقطنون في المناطق غير المحررة (خاضعة لسيطرة الحوثيين)، يشمل ذلك النازحين إلى تلك المناطق.

ووفقا للتقرير فإن نسبة النازحين واللاجئين خارج اليمن بلغت ما نسبته 6% بإجمالي (1.881.116) نسمة.

وتوقع التقرير أن يزداد أعداد السكان في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في ظل استمرار الحرب والانقلاب الحوثي.