ماذا يعني التقارب السعودي الإيراني؟

المدنية أونلاين/كتب/أحمد صالح العطعطي:

بعد محادثات اكتشاف نوايا متعددة في بغداد ومسقط بدأت منذ انسحاب واشنطن الفوضوي من أفغانستان نهاية 2021م اتفقت إيران والسعودية اليوم الجمعة بوساطة صينية في العاصمة بكين على إعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين بعد سنوات من التوترات بين البلدين.

 وبموجب الاتفاق الذي أصدرت الدول الثلاث بموجبه بيانا مشتركا، ستعيد إيران والسعودية فتح سفاراتهما وبعثاتهما على أراضي بعضهما البعض في غضون شهرين ، وأكد كلاهما عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وإعادة احياء الاتفاقيات الامنية والاقتصادية الموقعة سابقا بين البلدين. واتفق البلدان على أن يعقد وزيرا خارجيتهما لقاء قريباً للاتفاق على التفاصيل وتنفيذها.

إعادة العلاقات الدبلوماسية لا تجعل إيران والسعودية حليفتين - فهما ما زالا يملكان رؤى مختلفة تجاه القضايا الشائكة في المنطقة، وتعصف بالعلاقات بينهما قضايا كبيرة تتصل بطموح ايران في توسيع نفوذها بالمنطقة عبر اذرع عسكرية وشبه عسكرية كالبرنامج النووي العسكري المتقدم، وتطوير الصواريخ والمسيرات، وبناء المليشيات المسلحه بالمنطقة والتحريض المستمر ضد السعوديه وتهديد امنها.

يمثل دور الصين في المحادثات لحظة فاصلة بالنسبة لطموحات بكين في المنطقة من خلال الديبلوماسية والاقتصاد ، وضربة أخرى للولايات المتحدة في جزء مهم من العالم كان يعتبر لعقود مجالا حيويا للنفوذ الامريكي، وهو ما يعد مؤشرا على فشل الولايات المتحدة في الحفاظ على نفوذها في الشرق الأوسط، ما دفع بالمتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي عن نفي هذه الفكرة قائلا "سأدافع بقوة عن فكرة أننا نتراجع في الشرق الأوسط - بعيدًا عن ذلك". وأضاف: "يبقى أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيحترمون جانبهم من الصفقة. هذا ليس نظامًا يحترم كلمته عادةً ".

الاتفاق أتى بعد تلويح الإدارة الامريكية بإمكانية استخدام القوة العسكرية تجاه إيران في حال فشلت الديبلوماسية على خلفية ادعائهم ثبوت تعاون بين ايران وروسياء في حرب الاخيرة ضد اوكرانياء حيث بدأ الغرب خصوصا الولايات المتحدة صارماً تجاه اي تعاون من هذا القبيل، في حين كان الغرب يتعامل ببرود مع نفس الملفات حينما ثبت بشكل قاطع تصدير إيران للمسيرات والصواريخ الى مليشيات أنشأتها ودعمتها لضرب مصالح حيوية مهمة في السعودية وتهديد امنها وأمن المنطقة ككل.

يمثل الاتفاق رسالة واضحة من المملكة للغرب بأنها عازمة على التعامل مع القضايا الخطيرة والشائكة بشكل مستقل طالما هم لا يتعاملوا بجدية وصدق مع الحلفاء العرب كما هو الحال مع حلفائهم الآخرين، وتوسيع دائرة الحلفاء وفق ما يتطلبه مراعاة مصلحة المملكة قبل كل شي. 

كما يمثل التقارب مع إيران جزءًا أساسيًا من حراك دبلوماسي سعودي كبير على جميع الجبهات يعكس توجه قيادة المملكة على الاهتمام بترتيب أولوياتها لصالح المشاريع والخطط الاقتصادية الداخلية الضخمة وتوفير بيئة مستقرة لنجاح هذه الخطط من خلال السعي لإغلاق عدد من ملفات التوتر في المنطقة والتي تأمل ان يكون التوصل لاتفاق مع إيران مدخلا لإغلاق هذه الملفات او تهدئة اشتعالها بشكل كبير، وهو ما يعني بدء مرحلة جديدة من تهدئة الحرب الطائفية التي للغرب الدور الأكبر في هندستها.

ما يتعلق بمسألة الحوثيين في اليمن تنظر له المملكة من منظار أمنها القومي وستعمل على أن يكون هذا التقارب مدخلا لانتزاع ضغطا ايرانيا جادا على الحوثيين الذي يخضعون لنفوذهم الىجنوح لسلام حقيقي ينتزع منهم نفوذهم المسلح لصالح حكومة يمنية تتمتع بعلاقات جيده مع المملكة وفق ما يتطلبه أمنها القومي وهو ما يضع اي تقارب مع إيران في اختبار نوايا صعب.