من الظلّ إلى متاعب الظهور.. من هو ناصر منصور هادي؟

المدنية أونلاين/عبداللاه سُميح:

وصل إلى مطار عدن، اليوم الجمعة، اللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، بعد نحو 9 سنوات من الاحتجاز بالعاصمة صنعاء لدى الحوثيين، في دفعة هي الأولى من صفقة تبادل للأسرى والمختطفين بين الأطراف اليمنية، تزامنًا مع أجواء إيجابية تستبق الوصول إلى عملية سياسية شاملة تنهي الأزمة التي يشهدها البلد.

وعلى مدى سنوات مشواره العملي، ظلّ اللواء ناصر هادي، المولود عام 1947، بقرية "عزان" في مديرية الوضيع وسط محافظة أبين جنوبًا، يتجنب الأضواء مفضّلًا العمل في الظل، كما هي عادة الأمنيين، إلا أن عودة شقيقه الأكبر، الرئيس اليمني السابق، عبدربه منصور، من صنعاء إلى عدن، في شهر شباط/فبراير من العام 2015 إثر انقلاب الحوثيين، أجبرته على الظهور، في ظل أوضاع سياسية مضطربة تعصف باليمن.

العمّ ناصر

وتلقى "العمّ ناصر"، كما يحب أن يناديه المقربون، تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدرسة "الخديرة" ثم مدرسة "دار المعلمين" بمدينة زنجبار مركز محافظة أبين، قبل أن يغادر البلاد نحو الاتحاد السوفييتي لاستكمال تعليمه العالي لمدة 4 سنوات في إحدى الأكاديميات المختصة بالعلوم الأمنية.

وتدرج الابن السابع للشيخ القبلي البارز في أبين، منصور هادي، في الوظيفة العامة بوزارة الداخلية في جمهورية اليمن الديمقراطية، عقب عودته من الاتحاد السوفييتي، إلى حين اندلاع أحداث الـ13 من شهر كانون الثاني/يناير 1986، التي شهدتها عدن، إثر نزاع مسلح على السلطة، وهو ما أجبره على المغادرة برفقة شقيقه هادي والمئات من الضباط العسكريين والأمنيين والسياسيين نحو صنعاء، عاصمة الجمهورية العربية اليمنية، حينها.

وعاد اللواء ناصر مجددًا إلى جنوب البلاد، في صف قوات الرئيس الراحل صالح، أثناء حرب صيف عام 1994، التي اندلعت بين جنوب اليمن وشماله، وبعد مرور سنوات، عُيّن وكيلًا لجهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) في عدن ومحافظتي لحج وأبين المجاورتين، ثم أصبح عضوًا في اللجنة الأمنية لمحافظة عدن.

قبول مُجتمعي

ويحظى "العمّ ناصر" بقبول لدى المجتمع القبلي في جنوب اليمن، وعادة ما يتم اللجوء إليه للتوسط في حلّ الخلافات القبلية والقضايا الاجتماعية والمدنية، مستغلًا شخصيته الودودة وثقافة تقبّل الجميع، في التقريب بين وجهات النظر، كما يصفه أحد المقربين منه.

وعقب انقلاب ميليشيات الحوثيين على الحكومة الشرعية، وتمكّن شقيقه الرئيس هادي من الفرار إلى عدن، دفعه المشهد السياسي المضطرب في البلاد إلى الواجهة، بعد أن بات أحد الركائز التي يستند عليها الرئيس كأقرب المسؤولين إليه وبصفته قائدًا في جهاز المخابرات، وكان دائم الحضور في الاجتماعات المكثّفة التي يعقدها هادي في قصر "معاشيق" بعدن؛ في محاولة لحشد الجهود قبيل اندلاع الحرب في 2015، لكن اللواء ناصر، أخفق في رصد تحركات خصوم شقيقه وكشف شرارة التمرد العسكري والأمني التي أربكت الوضع في الجنوب وقتئذ.

ومع تعاظم تهديد الحوثيين وقوات الرئيس الراحل صالح، وتمددهم نحو المحافظات الجنوبية، لم يكن سنّ اللواء ناصر، عائقًا أمام جهوده المتواصلة وتحركاته الحثيثة مع قادة آخرين، لاستنفار القوات العسكرية وتعبئة القبائل والمجتمع في جنوب البلاد، لمواجهة الخطر القادم من أقصى شمال اليمن، والذي يشكّل حليفه السابق صالح، جزءًا منه.

ظروف غامضة

بشكل صادم ومربك، وقعت بعض القيادات العسكرية والأمنية البارزة في محافظات جنوب اليمن، فريسة للأسر في شهر مارس/آذار 2015، كان اللواء ناصر منصور أحدها، إذ تعرّض لإصابة مكنّت الحوثيين منه في ظروف غامضة، تعددت الروايات المتداولة بشأنها، ليتم نقله بشكل مباشر نحو صنعاء، في معتقل مجهول وسط ظروف صحية سيئة، تضاعفت مع إصابته بجائحة كورونا، منتصف العام 2020.

وخلال العامين 2019 و2020، كرر الحوثيون نصبّ فخّ للرئيس اليمني السابق، عبدربه منصور هادي، من خلال اقتراح الإفراج عن شقيقه ناصر، بمعزل عن القيادات العسكرية الأخرى، مقابل إطلاق القوات الحكومية سراح عدد من الأسرى الحوثيين، على أمل نجاح المقترح، وتأليب الرأي العام ضد الرئاسة بحجة اهتمامها بشقيق الرئيس فقط، إلا أن ذلك قوبل برفض تام.